إنني متواجد حالياً في لندن لحضور مؤتمر الاستثمار السعودي - البريطاني، لقد كانا يومين رائعين، وإنني ممتن لسعادة الأستاذ عمرو الدباغ من الهيئة العامة للاستثمار على دعمه خلال الفترة التي سبقت هذا الحدث، لقد استضاف بالأمس دوق يورك الأمير أندرو في قصر باكنغهام 70 من كبار رجال الأعمال بالمملكة العربية السعودية ونظراءهم في بريطانيا، كما دعت البارونة سيمونز في وقت سابق وفد المملكة العربية السعودية إلى مجلس اللوردات، واليوم، سوف تعقد سلسلة من ورش العمل التي ستتيح لرجال الأعمال في مختلف القطاعات تبادل الخبرات. إن الغرض من عقد هذا المؤتمر هام جداً، إننا نريد أن نجمع المستثمرين ورجال الأعمال معاً لعرض فرص الاستثمار في مملكتينا، إن العلاقة بين التجارة والاستثمار قوية، والمملكة العربية السعودية هي أكبر شريك تجاري لبريطانيا من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كما أن بريطانيا هي ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة العربية السعودية بعد الولاياتالمتحدة. ولكننا لا نستطيع أن نكتفي بما حققناه، والحقيقة تكمن في أنه كان بامكاننا القيام بما نقوم به على نحو أفضل لولا بعض المفاهيم الخاطئة لدى الجانبين. إنني أدرك تماماً أن الاقتصاد السعودي يعني أكثر بكثير من مجرد النفط، بدءاً بالخدمات المالية وحتى البناء، حيث أن الشركات السعودية هي منافس عالمي، وحالياً، تعتبر الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) شركة رئيسية عالمية تمتلك موجودات في المملكة المتحدة وفي أماكن أخرى، ويركز الشباب السعوديون الذين التقيهم على الحصول على التعليم والمهارات اللازمة للانضمام إلى القطاع الخاص، فقد ولت الأيام التي كانت فيها وظيفة القطاع العام هي هدف أي خريج سعودي، إن الرؤية الشخصية لخادم الحرمين الشريفين في تكليفه ببناء المدن الاقتصادية فيها تحفيز لتحقيق المزيد من النمو، ثمة ثورة تحدث في الاقتصاد السعودي، وأود أن تسمع الشركات البريطانية بذلك. ولكن هناك مفاهيم خاطئة عن الاقتصاد البريطاني أيضاً، فقد فوجئ الكثير من السعوديين الذين التقيت بهم في الأيام القليلة الماضية بالمجموعة الواسعة من السلع التي تصنع في بريطانيا، كما سمعت مرة بعد مرة «لقد اعتقدت أن بريطانيا لم تعد تصنع الأشياء»، والحقيقة أن بريطانيا هي سادس أكبر منتج في العالم، وهي تتلقى ثاني أكبر حصة من الاستثمارات الداخلة، كما أنها تحوز على أكبر قطاع للصناعات الإبداعية في أوروبا. إن صناعة المملكة المتحدة فائقة التكنولوجيا، وعالية المهارة، ورفيعة الجودة، ولنأخذ مثلاً شركة إيرباص A380 - أكبر الطائرة التجارية وأكثرها تطوراً وملاءمة للبيئة على الاطلاع، وتنتج المملكة المتحدة أكثر من ثلث عدد الطائرات بما فيها الأجنحة والمحركات، وإذا أخذنا صناعة السيارات، فإن 17 شركة من بين أكبر 20 شركة لتصنيع الأجزاء بها مرافق إنتاج بريطانية، كما يصل دوران مال التصنيع بصناعة السيارات إلى 15 بليون جنيه استرليني ويوفر 840.000 وظيفة. إن المملكة المتحدة هي أيضاً الرائدة عالمياً في مجال الصناعات الإبداعية، كما أن مخترع الشبكة العالمية، السير تيم بيرنرز - لي، ومصمم الآي بود، جوناثان آيف، كليهما بريطانيان، إن صناعة الأزياء لدينا هي الأحدث، وتصاميمنا الإبداعية هي الرائدة في العالم،وان مصممي الأزياء البريطانية - بول سميث، وفيفيان ويستوود، ألكسندر ماكوين، كريستوفر بايلي، جون غاليانو، ستيلا ماكارتني، وجوليان ماكدونالد - جميعهم أسماء مشهورة على الصعيد العالمي. إن كل ذلك يدعمه خيرة البحث والابتكار في العالم، وتصنع المملكة المتحدة خمس (5/1) مجموع الأدوية على مستوى العالم، بل وقد حصدت المملكة المتحدة 70 جائزة من جوائز نوبل - للاكتشافات التي تمتد من المحرك البخاري إلى التركيب الجزيئي للحمض النووي، ورسم خرائط الجينوم البشري، وتتواجد أربع من العشر جامعات الأوائل على مستوى العالم في المملكة المتحدة. أنا لن أدعي أن بريطانيا لم تتأثر بانهيار النظام الائتماني، فإن الشركات في بريطانيا تتعرض لضغوط، ولكن الاقتصاد البريطاني سوف يخرج من هذا التراجع أكثر مرونة وأكثر كفاءة وبنهاية الأمر أكثر ربحية. إن الاقتصاد البريطاني يحوز على سجل من النجاحات، فقد ارتفع الناتج المحلي البريطاني بين عامي 1997 2007م بنحو 33٪، وذلك مقارنة بحوالي 12٪ في اليابان و17٪ في ألمانيا و26٪ في فرنسا، و32٪ في الولاياتالمتحدة، لقد شهد رجال الأعمال السعودين في لندن خلال اليومين الماضيين بأنفسهم الفرص المتاحة في المملكة المتحدة. وأرجو أن تأتوا أنتم أيضاً إلى لندن لتشاهدوا بأنفسكم. *السفير البريطاني في المملكة