لاشك أن قرار سمو وزير الشؤون البلدية والقروية الأخير الخاص في ربط تسجيل منح الأراضي السكنية ببناء تلك المنحة؛ أبرز حدث على عموم الحدث العقاري. انني على يقين أن غياب الأنظمة والتشريعات تشكل أكثر التحديات التي تواجه القطاع العقاري السعودي، خصوصاً التي تتعلق بالجوانب التمويلية كأنظمة الرهن العقاري، وتعتبر من أكبر المعوقات التي تقيد من حركة السوق، فالقطاع لا يزال يعاني من عدم تهيئة المناخ العقاري بغياب هذه التشريعات التي في الغالب تحدد الآلية الملائمة والمرجعية المحددة لتطوير القطاع والنهوض به. حسناً.. القرار على الرغم من فائدته إلا أنه صعب التطبيق، اذ كيف لمواطن (بسيط) أن يتولى بنفسه البناء وتحمل تكاليف ذلك البناء؛ والأهم أن المنح في الأساس أراضي (حكومية) تفتقد الحد من الخدمات الضرورية؛ والمرافق.. كما أن هذا التنظيم يكرس فكر البناء الذي طالما قلنا أنه غير مجد؛ ويعزز الهدر؛ وهو أسلوب البناء الفردي؛ حيث أن هذا التوجه يشجع على التطوير الفردي الذي يشكل نحو 95 في المائة من السوق ويكون – في العادة – بعيداً عن المشاريع (الشاملة) التي تعتبر أحد أبرز الحلول لمشكلة الإسكان والسوق العقاري. كما أن التطوير الفردي لا يأخذ في الاعتبار حاجات السوق الفعلية من حيث الأسعار والنوعية، خاصة وأن إمكانات المواطنين أو أغلبهم لا تأتي أو تقترب من مستوى العروض باهظة الثمن المتاحة حالياً، هذا بالإضافة إلى أن الشراء من الأفراد لا يقدم أية ضمانات للمستفيد. التطوير الفردي لا يأخذ في الاعتبار حاجات السوق الفعلية من حيث الأسعار والنوعية وكان صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب وزير الشؤون البلدية والقروية قد وجه الأمانات كافة باتخاذ الإجراءات الواجب إتباعها تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18/1/1431ه القاضي بتوفير أراض سكنية لتسهيل حصول المواطنين على مساكن من خلال ربط برامج المنح التي تنفذها الوزارة ببرامج إسكان تضمن حصول المواطن على مسكن. وتعكف الوزارة على اعداد دليل يحتوي على تعليمات وإجراءات تنفيذ منح الأراضي البلدية (البرنامج الخاص للمتقدمين بطلب الحصول على منحة أرض بلدية) وحدد التنظيم شروط منح الأراضي البلدية بمايلي: أن يكون طالب المنح عند تقديمه الطلب قد أكمل السنة الثامنة عشرة من عمره ويستثى من ذلك الأيتام، ومن في حكمهم وذوو الاحتياجات الخاصة، ألا يكون طالب المنح قد سبق له الحصول على منحة أرض سكنية من الدولة، تحدد مساحة المنحة ب (625م2) ستمائة وخمسة وعشرين متراً مربعاً، وفي حالة الزيادة تقدر القيمة الفعلية لها وتستوفى من الممنوح، على ألا تتجاوز المساحة الزائدة نصف المساحة الأصلية، أما في حالة النقص فيعطى ما بقي إذا كانت المساحة الباقية لا تقل عن ربع المساحة الأصلية، وأخيراً: يشمل هذا المنح النساء الأرامل، والمطلقات، والنساء اللاتي تجاوزن الخامسة والعشرين من العمر ولم يتزوجن، وتكون الأولوية في تنفيذ المنح لهن، وللأيتام ومن في حكمهم، ولذوي الاحتياجات الخاصة. وبالنسبة للمواطنين الذين لم يتم تخصيص أراض سكنية لهم قبل تاريخ قرار مجلس الوزراء المشار إليه فتستكمل إجراءات التخصيص لهم وفق البرنامج التالي: - تتولى لجان المنح في الأمانات والبلديات التخصيص في المخططات المعتمدة وفق قواعد تحديد النطاق العمراني والتي يتوفر فيها الحد الأدنى من المرافق العامة السفلتة (وإمكانية إيصال الكهرباء) بموجب دليل الإجراءات المرفق. - يؤخذ تعهد خطي على المستوفي لإجراءات شروط المنح أو وكيله الشرعي يتضمن إقراره بالقيام بإنشاء وحدة سكنية على الأرض المخصصة له، ومن ثم يعطى إشعار تخصيص يخوله الحصول على رخصة البناء على تلك الأرض. - لا تتم الموافقة على ربط تلك الأرض بشبكة المرافق ولا إفراغها، إلا بعد إتمام البناء عليها بموجب شهادة من الجهة المختصة بالأمانة أو البلدية تستند إلى رخصة بناء نظامية. - تقوم كل أمانة وبلدية بتزويد وكالة الوزارة للأراضي والمساحة (الإدارة العامة للمنح) بنسخة رقمية من المخططات المعتمدة موضحاً عليها احداثيات أركان وانكسارات المخططات مربوطة بمرجع الإسناد الجيوديسي للوزارة تكون هذه المخططات موقعة على صورة فضائية أو خريطة طبوغرافية لتتمكن الوكالة من مساندة الأمانات والبلديات في عمليات متابعة التزام من خصصت لهم الأراضي الممنوحة بإقامة مساكن على تلك الأراضي وذلك باستخدام المعلومات التي توفرها الصور الفضائية المأخوذة دوريا. ويهدف برنامج المنح البلدية إلى تحقيق الفائدة للمواطنين من قطع الأراضي السكنية التي ستخصص لهم من خلال حثهم على إقامة وحدات سكنية عليها بعد توفير الحد الأدنى من شبكات المرافق العامة (سفلتة وإمكانية إيصال الكهرباء). ويساهم ذلك في تعديل الاختلاف حتى في نزع الملكية، من خلال الأراضي التي تم نزعها للصالح العام وتبقى منها عدد من الزوائد في المساحة، يتم من خلال التنظيم الحالي تصحيح وتعديل الاختلاف عبر تقييم تلك المساحة بسعر السوق، ومن ثم بيعها على صاحب العقار. ويؤكد المتعاملون في القطاع العقاري أهمية الخروج برؤية إستراتيجية مشتركة بين كافة الأطياف والجهات الحكومية المعنية بالقطاع في المملكة، وعلى ضرورة تكاتف الجهود في سبيل تحديد الأطر الكفيلة بالخروج من حالة التراجع وعدم التوازن التي يعاني منها هذا القطاع، على الرغم من توافر الظروف والعوامل المهيئة لوجود طفرة عقارية حقيقة في ظل الحاجة الماسة والطلب المتنامي على الوحدات السكنية والتجارية على اختلاف أنواعها، خاصة وأن المملكة تشهد نقطة تحول تنموية لافتة، مصحوبة بحزمةٍ كبيرة من مشاريع البنية التحتية العملاقة، ورؤية طموحة للتوسع والنهوض الاقتصادي والاجتماعي. واعتبر عقاريون أن هناك مساحة كبيرة من التفاؤل حول حصول المواطن السعودي على سكن رغم ارتفاع أسعار العقارات، مؤكدين أن ذلك يتمثل في توفير وحدات سكنية في حدود 600 ألف ريال كشقق معظمها لا يقل عن 250م، مشيرين إلى أن السوق في ظل ما ينتظره ويتوقعه من إصلاحات سيتغلب على أسباب ارتفاع الأسعار وأزمة السكن، لافتين إلى جوانب مهمة، منها: أن التطوير الإسكاني يتطلب ثقافة تختلف عن ثقافة التطوير العقاري رغم الصلة بينهما، وحاجة السوق لتدخل عاجل لدعم المطورين والممولين، وتذليل العقبات التي تعترضهم حتى يتمكنوا بدورهم من علاج ارتفاع الأسعار، ومراعاة ظروف الطلب خصوصاً لأصحاب الدخول المتدنية. فيما أكد متعاملون في السوق العقارية السعودية ان استقرار أسعار مواد البناء خلال الفترة الحالية أسهم في رفع معدل التطوير الفردي للمساكن في العاصمة الرياض وعدد من المدن السعودية، مشددين على أن حاجة الرياض إلى آلاف الوحدات السكنية من فلل وشقق سكنية سترفع من وتيرة التطوير الفردي والمؤسساتي. وقالوا إن الفجوة بين الطلب والعرض ما زالت كبيرة وتحتاج إلى المزيد من شركات التطوير العقاري، وتشييد وحدات سكنية خاصة بذوي الدخل المحدود والمتوسط كي تردم الفجوة. وأجمع خبراء على تأكيد الحاجة السكنية للعاصمة السعودية الرياض وضرورة التحرك في إيجاد شراكة بين القطاعين العام والخاص لسد الفجوة الإسكانية بين العرض والطلب، مشددين على أن التطوير الفردي غير قادر على توفير وحدات سكنية بكميات كبيرة ومتنوعة وبجودة عالية، معللين ذلك في أنها تحتاج استثمارات مالية كبيرة للمشروع الواحد كما أنها تحتاج لإمكانيات فنية كبيرة ومعقدة وخبرات تسويقية متراكمة قادرة على تسويق تلك الكميات الكبيرة من الوحدات السكنية في الوقت المناسب. واعتبروا أن فكرة التطوير الشامل أفضل الحلول للقضية الإسكانية، وذلك في استكمال البنى التحتية والعلوية والأبنية لأي حي وبجودة عالية في فترة قصيرة يعزز تعاظم قيمته وقيمة المسكن، إضافة إلى توفير الوحدات السكنية بكميات كبيرة ومتنوعة تلبي الطلب المحلي المتزايد والذي لا يمكن أن يتحقق من خلال الآليات الحالية، داعين إلى ضرورة سيادة التطوير المؤسساتي الشامل محدد المدة لما لذلك من آثار إيجابية متعددة على مستوى الاقتصاد الوطني وعلى المجتمع وعلى الفرد، حيث قدرة المطور العقاري المؤسساتي على إنتاج كميات كبيرة متنوعة من المنتجات العقارية بعد أن يكون قد طور البنيتين التحتية والعلوية دفعة واحدة ليستكمل الأبنية في مدة معيارية ( 3-5 سنوات ) في حي متكامل محدد الاستعمالات حيث وضوح مواقع المساكن والمراكز التجارية والمباني السكنية التجارية ومراكز الخدمات من مدارس ومراكز صحية وخدمات حكومية ومواقع ترفيهية. وشددوا على ضرورة قيام الحكومة بتقديم تسهيلات لتحفيز المستثمرين في القطاع العقاري لتطبيق فلسفة التطوير الشامل مثل إيصال الخدمات إلى الأحياء التي يطورها القطاع الخاص والمساهمة بجزء من تكاليف البنيتين التحتية والعلوية التي يقوم بها.