مدخل: "إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني" أبو بكر الصديق رضي الله عنه. يجلس الأمير نواف بن فيصل على الكرسي الأكبر في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ويجد على طاولته كثيراً الملفات المتنوعة، ما بين معقدة، وشائكة، ومجمدة، ومبعثرة، وأخرى أقل ما يقال عنها أنها تحتاج إلى إعادة نظر. صحيح أنها ملفات ليست جديدة عليه؛ ولكن التعاطي معها في الوقت الراهن مختلف تماماً، بحكم منصبه الجديد، والظروف المستجدة؛ بيد أنها بقدر ما فيها من تعقيد إلا أن آمال الرياضيين بمعالجتها تظل كبيرة، شريطة أن يكون هناك إيمان حقيقي بحتمية حسمها، وعدم التسويف في التعاطي معها، أو تقطيع الوقت بغية تجاوز منعطف، أو امتصاص غضب. أهم تلك الملفات وأعقدها، هو ملف دراسة فصل الاتحاد السعودي لكرة القدم، واللجنة الأولمبية عن الرئاسة، وهو ملف يعاد فتحه عند كل إخفاق؛ إذ عادة ما يطرح على طريقة من يحاسب من؟، وفي هذا السياق ليس بعيداً عنا متوالية الإخفاقات الأخيرة في كأس آسيا، وقبله في (أسياد غوانزو)، وقبلهما الفشل في التأهل لمونديال جنوب أفريقيا، وقبلهم جميعاً أولمبياد بكين، وبينهم إخفاقات أخرى كثيرة فتحت الباب على مصراعيه للعديد من الأسئلة التي ظلت تروح وتغدو حول الحديث المهموس كثيراً، والجهوري قليلاً حول ذات القضية. ويزاحم ملف الفصل ملف آخر لا يقل أهمية، هو الذي يعنى بإعادة هيكلة المؤسسات الرياضية، سواء داخل الرئاسة نفسها، أو في اللجنة الأولمبية، وكذلك في الاتحادات الرياضية، والمعني بأهمية التغيير في قيادات الصف الأول، لاسيما ممن أخذوا فرصتهم كاملة، وذلك لفسح المجال لضخ دماء جديدة في أوعية الجسم الرياضي برمته، من الجيل الجديد المتسلح بالعلوم الحديثة، والمدجج بالتقنيات المتطورة، والأفكار النيرة؛ فضلا عن حتمية إعادة إنتاج الكوادر الشابة التي يمكن التعويل عليها في إحداث حراك متسارع بعد فترة من الجمود. ويلي هذين الملفين مباشرة ملف الجمعيات العمومية سواء في الاتحادات الرياضية أو في الأندية، إذ أصبح من اللازم إعادة صياغة لوائحها باعتبارها لوائح سهلة إن في اختراقها، أو القفز عليها، ولعل ما أنتجته انتخابات الاتحادات الرياضية الماضية خير دليل؛ إذ إنها لم تقدم لنا الأكفأ بالضرورة، وإنما قدمت لنا الأكثر قدرة على الاستفادة من هشاشتها، ويتضح ذلك أكثر في الأندية، التي ذاقت الويلات مرتين، مرة بسبب التلاعب في مقررات الانتخابات، وأخرى بسبب قرارات التكليف التي قدمت لنا نماذج لا همَّ لها إلا فرض وصايتها على الأندية. وبين هذه الملفات الثلاثة ملفات أخرى تزاحمها في الأهمية، وهي التي تتعلق بخصخصة الأندية، ووضع الأسس السليمة، والأطر الشفافة للاستثمار الناجح، وإعادة دراسة موازنات الأندية والاتحادات، والنظر في البنية التحتية الخاصة بالمنشآت الرياضية، وضرورة رفع درجة الرقابة على المال العام في كل المؤسسات الرياضية، إضافة إلى الملف المعني بدعم الكوادر المتميزة للوصول إلى سدة القيادة في الاتحادات القارية والدولية، فضلاً عن الملف الخاص بضرورة معالجة الممارسات السلبية لمسؤولي الأندية التي بلغت درجة الاحتقان، وملفات أخرى غيرها تتعلق بالتعيينات والمحاسبة والمراقبة. وبالقدر الذي أدرك فيه صعوبة معالجة كل تلك الملفات دفعة واحدة؛ لكنني واثق أكثر بأن الإيمان بها، والرغبة في معالجتها، هما السبيل لإنجازها وبسرعة فائقة، شريطة أن يتم البدء بها، من دون تأخير أو إبطاء، وقد قيل قديماً أول الشجرة بذرة، وأول الغيث قطرة، وما لا يدرك كله لا يترك جله.