لا يختلف اثنان على قوة المنتخب السعودي في بطولات كأس آسيا لكرة القدم منذ بدء مشاركته فيها، فهو الوحيد حتى الآن الذي خاض ست مباريات نهائية، فاز في نصفها، ويتقاسم مع نظيره الايراني والياباني الرقم القياسي لعدد الالقاب. جاءت الالقاب أعوام 1984 و1988 و1996، والوصافة اعوام 1992 و2000 و2007. وحدها دورة الصين عام 2004 شهدت أسوأ مشاركة للكرة السعودية في كأس آسيا حين خرج من الدور الأول. ستة نهائيات قارية في سبع مشاركات جعلت من «الاخضر» ماردا تحسب له جميع المنتخبات من الشرق والغرب حسابات كثيرة، خصوصا انه كان يحمل معه جديدا مؤثرا في كل مشاركة وكان يؤكد مقولة ان الكرة السعودية «ولادة» نظرا للكم الهائل من اللاعبين الموهوبين ومن الاجيال المتعاقبة. الانجازات القارية اعقبت دخولا قويا على خط نهائيات كأس العالم الذي ربط «الاخضر» اسمه بها اربع مرات متتالية في الولاياتالمتحدة 1994 حين فاجأ الجميع وبلغ الدور الثاني، وفرنسا 1998، وكوريا الجنوبية واليابان 2002، والمانيا 2006. باختصار، فرض المنتخب السعودي هيبته على جميع منافسيه في اكبر قارات العالم، لكنه لم يعد كذلك في الفترة الماضية التي شهدت تراجعا مخيفا في نتائجه وامكانات لاعبيه المهارية، وايضا عدم انسجام الفكر التكتيكي للمدرب البرتغالي جوزيه بيسيرو مع اللاعبين. لم تترك فترة تولي بيسيرو مهمة القيادة الفنية خيارات وسطية لدى الشارع الرياضي السعودي وحتى الاعلام المحلي، فواجه انتقادات عنيفة منذ فشله في ايصال «الاخضر» الى المونديال الذي اعتاد السعوديون المشاركة فيه، كما انه خسر نهائي «خليجي 19» امام عمان مطلع عام 2009 اخيرا نهائي «خليجي 20». جدد الاتحاد السعودي الثقة ببيسيرو اكثر من مرة بعد الحملات الحادة التي تعرض لها، الى ان اتت دورة كأس الخليج العشرين في اليمن وكشفت تخبطا خطيرا في التخطيط اولا والاعداد ثانيا. وبقدر ما نالت اخبار اقامة البطولة الخليجية في موعدها ومكانها من اهمية، كان التساؤل يسير في خط تصاعدي حول المنتخب السعودي المشارك فيها، فحينا المنتخب الرديف، واحيانا اخرى المنتخب الاول، والقرار النهائي كان بأن بيسيرو كلف باختيار التشكيلة المناسبة للبطولة. انتجت «عبقرية» المدرب البرتغالي سيناريو المشاركة ب»خليجي 20» بمنتخب جل عناصره من اللاعبين الشباب مطعمين ببعض لاعبي الخبرة كتيسير الجاسم (لعب في الشوط الثاني امام سوريا) ومحمد الشلهوب (بقي احتياطيا). وكما قال بيسيرو في المؤتمر الصحافي الذي سبق لقاء السعودية وسوريا «ترفعني الصحافة السعودية الى القمة في لحظة وتنزلني الى الحضيض في لحظة ايضا»، فان عناصر عدة من الانتقادات والاشادات والمعنويات كانت تنتعش حسب العرض والنتيجة، لكن «الاخضر» مضى بشبابه الى المباراة السعودية. وضع معظم المنتقدين لبيسيرو عدم اشراكه التشكيلة الاساسية في «خليجي 20» جانبا، والبعض منهم انتقلوا الى حد الاشادة بأنه كون جيلا جديدا سيشكل مستقبل الكرة السعودية، لكن الخسارة في النهائي امام الكويت اعادت الغليان الى الشارع الرياضي السعودي. كان المدرب البرتغالي وفيا للاعبيه الاساسيين الذين فضل اراحتهم لكأس آسيا، فحضرهم للنهائيات بثلاث مباريات ودية لم تحدد نتائجها مدى جهوزية المنتخب للقب آسيوي رابع (خسر امام العراق صفر-1 وفاز على البحرين 1-صفر وتعادل مع انغولا صفر-صفر). عبر بيسيرو بكلمات واضحة جدا عما حصل في غضون شهرين فقط بمشاركتين مهمتين وبتشكيلتين مختلفتين بقوله «الكرة السعودية تمر بمرحلة انتقالية تعتمد على الإحلال والتجديد لتكوين منتخب للمستقبل، وفي الوقت ذاته الاستعداد للمشاركات المقبلة من خلال تحقيق الانسجام بين اللاعبين بالاعتماد على طريقة لعب منظمة تعطي المنتخب السعودي هوية يمكنه من خلالها التنافس بقوة في المستقبل وكذلك منح اللاعبين فرصة لإثبات المستويات التي قدموها مع فرقهم». واكد «انه استفاد كثيرا من دورة الخليج باكتشاف عناصرة صاعدة»، معربا «عن ثقته بالوجوه الشابة التي انضمت للمرة الاولى الى صفوف المنتخب امثال نواف العابد ومحمد السهلاوي وابراهيم غالب ومهند عسيري وعبدالعزيز الدوسري واحمد الفريدي ومحمد عيد واحمد عباس (منهم من اصيب ولم يكن ضمن تشكيلة كأس آسيا)». ارتفع منسوب الانتقاد حتى طال الامور الادارية ايضا، وتحدث الكثير من النقاد السعوديين عبر شاشات التلفزة بعد الخسارة المفاجئة امام سوريا 1-2 عن مسؤولية ما يتحملها الاتحاد السعودي لكرة القدم. الاتحاد السعودي اتخذ قرارا سريعا باقالة بيسيرو واسند المهمة الى «مدرب الطوارئ» ناصر الجوهر الذي له مع المنتخب صولات وجولات، شهدت اقسى الهزائم صفر-8 امام المانيا في مونديال كوريا الجنوبية واليابان والفوز بكأس الخليج في الرياض عام 2002. الامير سلطان بن فهد رئيس الاتحاد السعودي اعلن انه «كان لا بد من التغيير»، والجميع ينتظرون صدمة ايجابية كما حصل في لبنان 2000 حين اكمل الجوهر المهمة بدلا من التشيكي ميلان ماتشالا وقاده المنتخب الى النهائي.