يعد محو الأميّة حقاً من حقوق الإنسان، وأداة من أدوات تعزيز قدراته الشخصية، وتحقيق التنمية البشرية والاجتماعية. كما أنه عامل ضروري لرفع المستوى المعيشي والوعي الصحي، وضمان التنمية المستدامة، ونشر الأمن والسلام في العالم. ويشير تقرير الرصد العالمي لليونسكو (2010م) إلى أن (759) مليون بالغ أي (16%) من سكان العالم ممن أعمارهم (15) سنة فأكثر يفتقرون إلى المهارات الأساسية للقراءة والكتابة والحساب اللازمة لحياتهم اليومية. وأنه وبحلول 2015م سيبقى قرابة (710) ملايين بالغ أمي في مختلف أنحاء العالم. وتؤكد الحملة العالمية للتعليم أن مئات الملايين ممن فاتهم تعلم مهارات القراءة والكتابة يدفعون ثمن الإخفاقات السابقة لأنظمة التعليم. وأن على حكومات الدول مسئولية حصول كل فرد على تعليم جيد، وأن تمنح الأفراد أدوات للمشاركة وتحسين الإنتاجية والرخاء والصحة والرفاهية والسعادة لهم ولأسرهم. ويرجع تاريخ محو الأمية في إيران إلى عام 1941م، فقد أولت الحكومات التي توالت على السلطة في إيران مكافحة الأمية والقضاء عليها اهتماماً ملحوظاً. فأنشئت لذلك مجموعة من المؤسسات، منها: مؤسسة تعليم المسنين، ومؤسسة تعليم كبار السن، واللجنة الوطنية لمكافحة الأمية، ومؤسسة الجهاد الوطني لمكافحة الأمية. وعندما قامت الثورة الإيرانية عام 1979م واعتبرت نفسها ثورة ثقافية تهدف إلى التأثير بشكل فعّال في قيم أفراد المجتمع، عمد الخميني إلى إنشاء هيئة (المجلس الأعلى للثورة الثقافية). وفي ضمن اهتماماته بالتعليم أسس الخميني 1979م منظمة محو أمية إيران، ودعا الإيرانيين إلى التعاون معها في سبيل القضاء على الأمية، ورفع مستوى التعليم بما يتواكب مع المستجدات على الساحة الإيرانية. وتقوم المنظمة بالتعاون مع جهات أخرى ورجال الدين بالمهام التالية: تعليم الكبار المبادئ الأساسية للقراءة والكتابة والحساب. والارتقاء بمستواهم الثقافي ونشر الثقافة الإسلامية بينهم. ، تعليم الذين لم ينخرطوا في النظام التعليمي الأساسي ممن هم في سن التعليم. إعداد كتب دراسية ومواد تعليمية تتوافق مع الثقافة الإيرانية ، تحفيز المواطنين عبر الوسائل المادية والروحية لجذبهم لفصول محو الأمية. ويكتسب اختيار معلم محو الأمية في إيران اهتماماً وتركيزاً شديدين. وقد حددت منظمة محو أمية إيران معايير صارمة يجب توافرها في معلم محو الأمية. وقد قامت منظمة محو الأمية الإيرانية بالعديد من الأنشطة والمشاريع من أجل مكافحة الأمية، ومنها: تعليم الرجال والنساء في المدن والأرياف، وتعليم الموظفين غير المتعلمين، والسعي إلى القضاء على الأمية بين رجال القوات المسلحة والمساجين، وحققت إيران بهذا انخفاضاً ملحوظاً في معدل الأمية لدى نسبة كبيرة من المواطنين. وتهدف إيران من هذا الاهتمام بمحو الأمية إلى تعليم جميع الأميين الإيرانيين الذين تزيد أعمارهم عن (10) سنوات، وكذلك تعليم الأميين العاملين في الدوائر والمؤسسات والمصانع، ممن تقل أعمارهم عن (50) عاماً، كما تسعى من خلال أنشطتها في مجال مكافحة الأمية إلى تغطية (20) ألف قرية، أي ثلث مجموع القرى في البلاد، والبالغ عدد الدارسين فيها أكثر من (2000000) شخص. ونتيجة لهذه الجهود فإن الإحصائيات الإيرانية تشير إلى ارتفاع معدل المتعلمين في المجتمع الإيراني إلى (79,5%)، كما بلغت نسبة الإيرانيات المتعلمات (75%). ومما ساعد في نجاح مشروعات محو الأمية الإيرانية مشاركة أكثر من (90) ألف شاب متطوع من خريحي الثانوية في التدريس بالقرى والأرياف، بعد مشاركتهم في دورة تدريبية تأهيلية. ومع هذه الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم ومنظمة محو الأمية في إيران إلا أن الإحصائيات والأرقام تشير إلى أن إيران لا تزال تواجه مشاكل في ارتفاع أعداد الأميين، فلا يزال في إيران حالياً (14) مليون أمي في إيران. (KHABAR ONLANE, 15,11,2010) أخيراً: دعا ديننا الحنيف إلى محو الأمية منذ بزوغه بقوله تعالى: " اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم "، لذا لابد أن تكثف الجهود المؤسسية في الدول الإسلامية، وتتكاتف مع جهود المؤسسات الدولية من أجل محو أمية كل مواطن يعيش في بلادنا.