قررت وعائلتي الصغيرة قضاء أيام من إجازة عيد الأضحى المبارك في جارتنا العزيزة (قطر) مصاحبين لبعض الأحباب لنطلع عليها عن كثب ولقرب المسافة بيننا وبينها وسلكنا إليها براً الطريق الذي يمر بمنطقة (خريص) وهو طريق جيد ومختصر إلا انه لم يسيج على الرغم من كثرة الجمال في مناطقه ومحطات التزود بالوقود فيه قليلة وهذه المحطات القليلة شأنها شأن المحطات والاستراحات القائمة على طرقنا السريعة التي تخترق مملكتنا الواسعة في كل اتجاه وتفتقر إلى أبسط مقومات الخدمة فلا تجد فيها مطعماً جيداً ولا مكاناً نظيفاً لقضاء الحاجة وتمارس عملها من غير رقيب ولا حسيب ويضطر المسافر المسكين للرضوخ للأمر الواقع فيأكل في المطعم الذي يجلب الغثيان ويذهب إلى دورات المياه القذرة بعد ان يضطر إلى رفع ثيابه والتلثم معه تجنباً للنجاسات والأوساخ والروائح الكريهة هذا إذا كان قادراً ومضطراً لقضاء حاجته أما إذا كان عاجزاً لكبر سن أو علة أو نحو ذلك فلا يملك إلا ان يذهب إلى الخلاء إن استطاع وان لم يستطع فعليه ان يحتال للأمر وأجره على الله. إنني لا أدري لماذا لا تقوم الجهات المختصة ممثلة في وزارة النقل ووزارة الشؤون البلدية والقروية وهيئة السياحة بوضع الاشترطات والمواصفات اللازمة لمحطات الطرق واستراحاتها وعدم السماح بإنشائها إلا بعد التأكد من تطبيق تلك الاشتراطات والمواصفات ولا ينبغي ان تقف عند هذا الحد بل تتابع وتراقب وتحاسب وتعاقب وأعتقد ان الفرصة لو أتيحت لأصحاب مطاعم الوجبات السريعة الشهيرة بإنشاء مطاعم في محطات الطرق لفرحوا ولو سمح لأصحاب المحطات بأخذ رسم رمزي من كل من أراد ارتياد دورات المياه ليحضروا به عمال نظافة يقومون بمتابعتها وتنظيفها وتنظيف أماكن الصلاة والجلوس والعناية بها لوافقوا على ذلك بنفوس راضية وقد يقال إن تنفيذ هذه الأفكار صعب والوعي عند الناس قليل فيجاوبون بأنها لن تنفذ إلا وفق دراسات ومواصفات وضوابط تمكن من تنفيذها والافادة منها كما ان الناس سيهتمون بالنظافة والعناية حين يرون منشآت مرتبة نظيفة وسيدفعون رسوماً إذا وجدوا خدمات تستحق ذلك ولنا في جيراننا مثل وقدوة. ولاينبغي ان يقتصر ما يوضع من مواصفات واشتراطات على ما يستحدث بل يجب ان يطبق على المحطات والاستراحات القائمة وتلزم بتنفذها كما تلزم برفع جميع المخلفات من براميل قديمة وإطارات تالفة وكراتين وأكياس فارغة ممزقة ونفايات مختلفة تغطي أرضيات هذه المحطات والاستراحات حين يحركها الهواء تلتصق بالسياجات وما حولها من أشجار وشجيرات فتشكل منظراً لا أقبح وترسم صورة لا أبشع كما يتم التأكيد عليها بالاهتمام بنظافة الأرضيات والمطاعم والمحلات وأماكن الصلاة والجلوس والتركيز في ذلك على دورات المياه مع الحرص على ان تكون هذه الدورات مهيأة لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن لتخرج هذه المحطات والاستراحات بمظهر راقٍ يشرح الصدر ويزيل ما نشعر به من كآبة حين نقف أو نضطر للبقاء فيها واستمر بنا السير حتى وصلنا إلي منفذنا البري مع قطر (سلوى) فرأينا مبانيه القديمة وإنشآته المتهالكة وكأنه في معزل عن النهضة العمرانية الضخمة التي تعيشها بلادنا الحبيبة فتعطي صورة سيئة عن المملكة ولا ترسم صورة حقيقية للواقع الأمر الذي ولد لدينا شعوراً بالأسى ودفعنا إلى التفكير في دعوة الجهات المسؤولة عن منافذنا إلى العناية بها كلها وبالأخص البرية منها إذ هي البوابة المهمة للمملكة التي تعطي الانطباع الأولي عنها ومعلوم ان الانطباع الأول هو الذي يرسخ في الذهن ويبقى مخزوناً في الذاكرة ودخلنا قطر ذلك البلد الصغير بمساحته الكبير بآماله وطموحاته فعلى الرغم من صغر مساحته وعدم توافر المقومات السياحية الجاذبة فيه إلاّ أنه استطاع ان يخطو خطوات كبيرة إلى الأمام يشعر من زاره من قبل بالفارق الكبير بين قطرالأمس وقطر اليوم، وسيكون الفارق أكبر بين قطر اليوم وقطر الغد لاسيما بعد فوزها باستضافة كأس العالم في 2022م. وعدنا من قطر بعد قضاء أيام قليلة ماتعة وعلى ألسنتنا تهنئة لها بإنجازاتها وفوزها وفي قلوبنا هم من المستوى السيئ لمحطات واستراحات طرقنا ومنافذنا البرية ولعل المسؤولين المعنيين بهذه الأمور في حكومتنا الرشيدة يزيلون هذا الهم فيولون عناية خاصة بمحطات الطرق واستراحاتها ويجعلون منافذنا وبخاصة البرية على مستوى حضاري يعطي للزائر صورة حقيقية وترجمة واقعية للنهضة العملاقة التي تعيشها مملكتنا في مختلف المجالات والصعد. * أكاديمي وكاتب