لا يقل توهج الكتابة عند الأديبة والشاعرة سعدية مفرح عن توهجها الشعري، فثمة نكهة إبداعية ترافق يراعها في كل ما تكتب، ذلك ان الكتابة لديها حس يرصد انفعالها مع ثقافتها العميقة لذلك تجد في كتاباتها ايقاع آخر للون الحياة يفرزه إيمانها بأهمية الدور الذي يلعبه الأديب في فصول هذه الحياة، ويؤكد حديثي عنها كتابها الجديد (وجع الذاكرة) الصادر عن سلسلة كتاب العربي الكويتية، يقول الدكتور سليمان العسكري رئيس تحرير هذه السلسلة في مقدمته للكتاب، الشعر الفلسطيني يتميز عن الشعر غير الفلسطيني بخصوصية السياق الفلسطيني، يتميز الفلسطيني تميز موضع الجرح عن بقية الجسد المتألم، وعن اليد المرتعشة التي تداوي الجرح، وعن الشفاه المهترئة التي تطلق تأوهات العين الدامعة المليئة بالأسى بفعل ما يحدث في موضع الجرح، هكذا خصوصية الشعر الفلسطيني. يتمحور الكتاب على دراسة نخبة من أبرز شعراء فلسطينالمحتلة (خمسة عشر شاعراً) الذين اكتووا بنيران الحرب والاحتلال فكانت قصائد بنادقهم المصوبة نحو العدو بعدما آمنوا ان للقصيدة رصاصا نافذا لا تقاومه مدافع الهاون أو صواريخ الكاتيوشا. ذلك ان إيمانهم بالعودة دليل على انتصار قضيتهم في القريب العاجل. تقول مؤلفة الكتاب: كل الشعراء المختارين أعرفهم جيداً ولعلي نشأت شعرياً تحت ظلال ما كتبوا فبعض قصائدهم كان مدرجاً ضمن المناهج الدراسية في مدارس الكويت وكثير منها ساهم في تشكيل وجداني القومي في مرحلة مبكرة من عمري، ولذلك كانت الكتابة عن أولئك الشعراء من أيسر وأجمل المهمات الكتابية التي أنجزتها وفقاً لتداعيات الذاكرة المحملة بالعبق الفلسطيني. أما الشعراء الذين شاغبت نصوصهم الشعرية بالتحليل والتأويل فهم: إبراهيم طوقان، أبو سلمى عبدالرحيم محمود، فدوى طوقان، كمال ناصر، هارون هاشم رشيد، توفيق زياد، معين بسيسو، سميح القاسم، محمود درويش، راشد حسين، محمد القيسي، مريد البرغوثي، أحمد دحبور، إبراهيم نصر الله. لقد كانت رحلة سعدية مفرح مع الشعر الفلسطيني بمثابة لوحات تشكيلية تبرز مدى تطور القصيدة الفلسطينية وتناميها بعد ان خضبها شعراء الثورة الفلسطينية بموال العودة والانتصار.