يجسد العرض المسرحي السعودي (البندقية)، إحدى أشكال الاجتهادات المسرحية في العودة إلى الذات التراثية في قالب مسرحي معاصر، يجرب في الأساس على عنصر مهم وهو السينوغرافيا (السعف). وذلك من خلال استعادة مفردة (النخلة) بوصفها كائناً يمس الهوية التي بدأت جرافات الأبنية والمخططات السكنية الحديثة بانتهاك وجودها إلى الأبد. إذ يحاول المخرج السعودي سلطان النوى في العرض الذي قدم مساء الجمعة، ضمن مهرجان الفرق الأهلية الخليجية "11" المقام حالياً في الدوحة؛ أن يعيد تشكيل السعفات والأجساد في صور مراكب تتماوج في عرض الخليج ومنتقلاً بين فضاءات بصرية، ضمن حكاية شاب يهرب إلى بساتين النخيل المجاورة خوفاً من مطاردة أشباح الماضي؛ الأمر الذي يضعه في حالة من الهلوسة المتكئة على مونولوج داخلي في إطار اللعبة المونودرامية (الممثل الوحيد). غير أن المخرج السعودي وهو يتعامل مع نص عبدالعزيز الطايع، اختار أن يبقى على بعض الحوارات التي جاءت زائدة على الصورة المرئية للمشهد الدرامي (كما في مشهد مركب السفينة). إلى جانب استعمال غير مبرر لبعض التقنيات والتي قد تكون مخلة بالعرض المسرحي (البلاي باك) بحضور المحاورين وإقحام أغنية "مسجلة" في عرضٍ يهدف أيضاً إلى خلق الحياة في سعفات وأجساد حرقتها تحولات الزمن. فضلاً عن أن كلا التقنيتين ينصح دائماً بالابتعاد عنهما والاعتماد أكثر على كل ما هو حقيقي ضمن تقنيات اللعبة المسرحية المتاحة. بقي أن نقول إن العرض السعودي القادم من جمعية الثقافة والفنون هو عرض شاب لمخرج يمتلك مخيلة خصبة في إعادة إنطاق الرمز المحيط حوله (النخلة) في محاولة مسرحية جادة لتقديم مقترح تجريبي، هو أيضاً مشروع قابل للتطور والإفادة من ما توصل له المسرح في كل مكان. لقطة من المسرحية البحرينية «المجهول» العرض البحريني كما شهد المهرجان تقديم العرض البحريني (المجهول) من إخراج وسينوغرافيا حسين العصفور من فرقة مسرح الريف. ويناقش عرض (المجهول) مأزق انحباس مجموعة في جدار من الوهم وذلك من خلال مسرحية تقدم محاكمة ذهنية لمجموعة من المفاهيم الفلسفية ومنها مفهوم "المُخلّص". إذ يحرض العرض على عدم انتظار (الشخصية العظيمة) لتأتي لهذه المجموعة وتنقذها من سجنها الطويل. وإنما يدعو عرض (المجهول) إلى البحث الدءوب عن مخرج يناضل جميع الممثلين ولكن ينتهي العرض دون جدوى، في حالة من عبثية توازي عبثية الانتظار..