صدرت الموافقة الكريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالبدء في تنفيذ برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان، والذي يعد إحدى الركائز المهمة التي نص عليها تنظيم هيئة حقوق الإنسان، والذي يخول مجلس الهيئة بمهمة وضع السياسة العامة لتنمية الوعي بحقوق الإنسان، واقتراح سبل العمل لنشرها والتوعية بها، وذلك من خلال المؤسسات والأجهزة المختصة بالتعليم والتدريب والإعلام وغيرها، والتي قال عنها "د.بندر العيبان" رئيس هيئة حقوق الإنسان في بيان سابق: "تحرص الهيئة على نشر المبادئ والمفاهيم الأساسية لحقوق الإنسان، والتي تتفق مع أحكام الشريعة وتأصيل ثقافتها، من خلال الأجهزة المختصة بالهيئة، عبر تنظيم دورات لمنسوبي الجهات المعنية في المملكة وغيرهم من المهتمين بهذا المجال. "الرياض" تفتح قضية حقوق المرأة في الزواج ك"العضل" و"الإرغام" إما على الزواج أو الطلاق، و"زواج القاصرات" والولاية التي بدأت تنحني بمنحنى الوصاية التي تتبرأ منها الشريعة، وقد أصدر بخصوصها دار الإفتاء بوقت سابق: "تجاهل حقوق المرأة في الزواج إما بعضلها أو إرغامها يعد أحد موروثات العادات الجاهلية التي أبطلها الإسلام، كما أن مجلس هيئة كبار العلماء قد قرر في 2005م أن التحجير وإجبار المرأة على الزواج ممن لا توافق عليه، ومنعها من الزواج ممن رضيت به وتوافرت فيه الشروط المعتبرة شرعاً أمر لا يجوز". د.أبا الخيل: هناك تخريجات مذهبية أكثر مرونة وسماحة وقد نظرت المحاكم الشرعية في أربع مدن من المملكة، أكثر من 213 دعوة قضائية من فتيات ضد أولياء أمورهن خلال السنوات الأخيرة، يطالبن فيها إنصافهن. في الجهة الأخرى رصدت هيئة حقوق الإنسان أكثر من 271 حالة شكوى تتعلق بحقوق المرأة خلال عام 1430ه معلقة في المحاكم، وأكثر من 233 قضية نسائية تعاملت معها، وتمت مطالبة الأجهزة القضائية المختصة بسرعة إنهاء إجراءات قضاياها والمنظورة لديها، وذلك لما تتعرض له بعض النساء من انتهاك لحقوقهن؛ بسبب طول الفترة التي تنظر فيها تلك القضايا نتيجة لمماطلة الزوج أو ولي الأمر. وهنا نتساءل: هل بات من الضروري تغيير بعض الاشتراطات التي تجعل المرأة تابعة للولي بأمور تخصها، وجعلها ولية نفسها عند بلوغ عمر محدد تشترطه الجهة المعنية، أمر ضروري؟، أم لا؟. د.يوسف أبا الخيل الولاية هي السبب «العضل» و«الإرغام» و«القاصرات» و«الولاية» أخذت منحى الوصاية في البداية يقول المفكر والكاتب "د.يوسف أبا الخيل": إنه لولا وجود الولاية بالشكل الذي هي عليه في مجتمعنا لما كان "العضل" موجوداً، وإن وجد فعلى الأقل لا يكون بتلك الحدة و"الإيغال" التي هي عليهما الآن، مضيفاً أنه إذا نظرنا إلى مسألة اشتراط وجود ولي للمرأة يتولى تزويجها، سنجد أنه حكم فقهي معروف، لكن التكييف الفقهي لوجوده متعدد بالشريعة، حيث إن هناك تخريجات مذهبية أكثر مرونة وسماحة من التكييف السائد لدينا حالياً، والذي يشترط الولي اشتراطاً مطلقاً، ف"الحنفية" يرون أن المرأة العاقلة البالغة كفؤ لتولي عقد تزويج نفسها، ثيباً كانت أم بكراً، ويستشهدون لرأيهم بأدلة: منها فعل السيدة عائشة رضي الله عنها عندما زوجت بنات أخيها: عبد الرحمن عندما كان في الشام، ومنها ما جاء في بعض آيات القرآن من إسناد النكاح للمرأة، كقوله تعالى: "وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن"، فالآية الكريمة اختارت الفعل المبني للمعلوم (ينكحن)، أي يستطعن أن يزوجن أنفسهن مباشرة، ودليلهم من السنة النبوية الكريمة قوله صلى الله عليه وسلم: "الثيب أحق بنفسها من وليها". باب أوسع د.اليامي: نحتاج مدونة للأحوال الشخصية تتعلق بالأسرة وأضاف أن المجتمع لو أغض الطرف عن مسألة وجود الولي بالنسبة للبنت البكر الصغيرة، فمن غير المبرر التشدد والمغالاة في مسألة الولي بالنسبة للثيب أو البكر التي تقدم بها السن، مطالباً من الجهات المعنية بإعادة النظر بمثل هذا الاشتراط، الذي يجعل للعضل باباً أوسع من حيث الإكراه وسلب الحقوق الأساسية للمرأة، وقد أوجب الإسلام رضاها على من سترتبط به، واختيارها له باكتمال أركان الزواج، مشيراً إلى أن المجتمع يتعايش كثيراً مع حالات عضل "ثيبات" غير صغيرات في السن، مؤكداً أن قضية العضل ما هي إلا نتاج وجود الولي، كما أن المرأة إذا لجأت إلى القضاء فيما قد يواجهها من تحكم الولي، ستواجه قضاة يستمدون أحكامهم من نفس الخطاب الفقهي الذي أستمد منه وليها، والذي جعل المجتمع لا يتعايش مع هذه القضايا بشكلها العادل؛ لأنه لا يستطيع الانفكاك من قيود بنتها العقلية المتشددة!. لن تكون مستعدة وحول قضايا زواج القاصرات التي وصفها "د.أبا الخيل" بأنها من المشكلات التي تواجهها المرأة وتكاد تغرقها في بحر من الأحزان وضياع المستقبل قال: إن ما كان يصلح للقرون السابقة، يختلف عما يصلح للأزمنة الحديثة، من حيث استعداد المرأة النفسي للزواج، والذي لا يقتصر على الناحية "البيولوجية" فقط، بل إن له جانباً اجتماعياً، فاستعداد المرأة الصغيرة نفسياً لتحمل تبعات الزواج، قد يكون معقولاً في تلك الأزمنة، لكنه أبعد ما يكون عن المعقولية في عصرنا هذا، مضيفاً: "البنت المعاصرة لن تكون مستعدة نفسياً للزواج، وأن عموم النصوص التي تتعلق بشؤون الاجتماع البشري والأحوال الأسرية من زواج وطلاق وغيرهما، هي نصوص تاريخية، يجب أن توضع تشريعاتها في سياقها الخاص جغرافياً وزمنياً". د.هادي اليامي مدونة شخصية نجلاء الجمعان: أبرز القضايا هي في العنف البدني والنفسي وطالب "د.هادي اليامي" نائب رئيس اللجنة الوطنية للمحامين في المملكة وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان، بضرورة وجود مدونة للأحوال الشخصية، تتعلق بكل أمور الأسرة، ومنها حقوق الفتاة بالزواج وعلاقة المرأة بالرجل، والفتاة بوالدها، وعدة أمور حقوقية بالأسرة، وعن قضايا العضل قال: يفترض من الوالد أن ينظر إلى مصلحة الفتاة دون تجاهل رأيها، كما أن الهيئة قامت في الفترة الماضية برصد العديد من الحالات وتكوين الملفات والرؤى والتي وضعت لها الآلية المناسبة لعلاجها، مؤكداً أن الهيئة لن تمانع باستحداث خط ساخن لقضايا المرأة التي قد يمنعها "الحرج" الاجتماعي من معرفة حقوقها، وما لها وما عليها، مضيفاً أن من أعظم المعوقات التي واجهة الهيئة أثناء تحركها هي قلة الوعي بالأمور الحقوقية لدى العديد من الأفراد، فالهيئة لا تستطيع وحدها التوعية التي تحتاج إلى منظومة متكاملة من جميع المؤسسات الحكومية والخاصة، للتوعية بالأمور الشائكة والحقوقية التي تعنى بالإنسان. الطفل القاصر وفيما يخص أمور الولاية التي تحولت في الآونة الأخيرة إلى وصاية يبرأ منها الشرع، رأى "د.اليامي" أن الوصاية لا تكون إلا على الطفل القاصر، بينما المرأة لا تجب عليها أي وصاية، فالشرع أوجب لها الولي وليس الوصي، فعندما تخرج الولاية من إطارها الشرعي وهي حماية المرأة، يجب أن يتصدى لها الشرع ويوقفها لعدم أهلية الولي، مطالباً بضرورة تقنين سن الولاية، فمن غير المقبول أن يكون مراهق بسن ال20 عاماً ولياً على امرأة ناضجة تجاوزت ال30 عاماً، مؤكداً أن كل تلك الإشكاليات ستحل فيما لو أوجدت الجهات المعنية مدونة خاصة للأحوال الشخصية، وأن تلك المقترحات باتت بحاجة إلى تفعيل. عقوبات رادعة شريفة الشملان: نحن من أغرب الشعوب في تقنين الزواج وحول قضايا "الإرغام" على الزواج أو الطلاق وتداعيات النسب، أوضح "د.اليامي" أنها تعد من قضايا انتهاك حقوق الإنسان الصريحة التي حرمها الشرع والقضاء، وحين ثبوتها يستوجب على القضاء إنزال عقوبات رادعة صارمة مطبقة بحقه، وأن يشهر به للعظة والعبرة، مستنكراً استقبال المحاكم لقضايا النسب والنظر فيها، حيث لم تعد ترتبط بزوج وزوجة، فهناك أطفال يتشردون وأسرة كاملة تتفكك، مشيراً إلى أن الهيئة تولي هذه القضايا أشد الاهتمام، وتنادي بضرورة تجاهلها وعدم النظر فيها من قبل القضاء، حيث يجب تقديم مصلحة الأسرة على المصالح الشخصية، ذاكراً أن زواج القاصرات يعد انتهاكاً لحقوق الطفلة أو حتى فتاة العشرين، عندما تتزوج من يكبرها بسنوات كثيرة، كما أن الهيئة تطالب بإيجاد قوانين ولوائح صارمة وتنظيم وتفعيل من الجهات ذات العلاقة، تحدد من خلالها سن الزواج كحد أدنى، ومدى التفاوت العمري بين الزوجين. عنف بدني ونفسي وعزت "نجلاء الجمعان" رئيسة قسم الشكاوى بهيئة حقوق الإنسان، العديد من المشاكل النسائية التي ظهرت مؤخراً كقضية هروب الفتيات، نتيجة العضل عن الزواج، والذي يعد نوعاً من أنواع العنف الذي حرمه الإسلام، لما له من آثار سلبية ممتدة للمجتمع، مضيفةً أن الهيئة تستشعر معاناة هؤلاء الفتيات، وتؤمن بضرورة منحهن حقوقهن بتكوين أسرة، موضحةً أن من أبرز القضايا وأصعبها التي ترد إلى القسم تكمن في العنف البدني والنفسي، والعنف الناتج عن الإدمان، وقضايا التظلم من فتيات عضلهن آباؤهن عن الزواج، إضافةً إلى قضايا الزوجات المعنفات أو المطلقات، واللاتي حرمن من رؤية أطفالهن، أو المعلقات لفترة أمتدت إلى أعوام لعدم قدرتها على إعادة الصداق، لافتةً إلى أن التعامل مع القضايا التي تردهم تكون وفق ضوابط قبول الشكاوى في الهيئة، وإحالة البعض منها إلى جهات الاختصاص ومتابعتها وتبنيها، ومعالجة العديد من القضايا من الجانب الإنساني، ذاكرةً أن القسم لا يقتصر على استقبال شكاوي المواطنات بل يشمل المقيمات، إلى جانب أن الهيئة تهتم مباشرةً بقضايا السجينات داخل السجون، والمريضات داخل المستشفيات، والطالبات داخل المدارس، وذلك بمجهودات أخصائيات وباحثات وقانونيات الهيئة، القادرات على التعامل مع الشكاوى والتفاهم مع جميع الأطراف المعنية باحتواء وسرية تامة. ديون الولي وترى الكاتبة "شريفة الشملان" مديرة القسم النسائي بفرع هيئة حقوق الإنسان في المنطقة الشرقية، أننا من أغرب الشعوب في تقنين الزواج الذي فتح المجتمع من خلاله أبواباً تجارية وغير تجارية، كما أصبح الكثير من أفراد المجتمع يتجاهلون معناه الأسمى كوحدة اجتماعية، وجزء أساسي من مكونات الأمة التي أساسها الفتاة المعضلة والمرغمة والقاصرة، مضيفةً: "إذا انتقلنا للشق الآخر من الزواج التعسفي والذي فيه انتهاك لحقوق المرأة وبدنها كتزويج القاصرات لرجال بعمر آبائهن، حيث تستغل المرأة لتسديد ديون الولي عليها أو قطعاً لوعود سابقة، فتصبح هي المقايضة، لتنتقل من فتاة تتلقى العلم ولا زالت بحاجة إلى رعاية أبوية، إلى جارية وأم لطفل تربيه طفلة"، مطالبةً بوضع قانون لتحديد سن الزواج يلجم زواج القاصرات، الذي لم نعلم عنه إلا القليل، ومازالت هناك العديد من الحالات المتخفية، كذلك لابد من تنظيم وتقنين مدونة الأسرة التي من شأنها حفظ الكثير من حقوق المرأة بشكل خاص والأسرة بشكل عام.