أعادت مواجهة منتخبي السعودية والإمارات التي ستجمعهما اليوم في نصف نهائي بطولة (خليجي 20) التي تستضيفها مدينة عدن اليمنية إلى الأذهان المواجهة التي جمعتهما في نفس الدور في بطولة (خليجي 18) التي استضافتها العاصمة أبوظبي. وفازت الإمارات في تلك المواجهة بهدف نظيف أحرزه نجم الفريق إسماعيل مطر الذي اخترق يومها مدافعي المنتخب السعودي ليسدد كرة بمجرد دخوله صندوق العمليات لتسكن كرته على يمين الحارس محمد خوجه في الدقيقة 47 ليحمل به فريقه للمباراة النهائية لمواجهة المنتخب العماني، والتي توج فيها نفسه بطلاً للدورة لأول مرة في تاريخه. افتقاد العناصر الأساسية يضع اللقاء خارج حسابات التوقعات وفي حين يأمل الإماراتيون في تكرار سيناريو تلك المباراة لتأكيد جدارتهم بذلك الفوز، فإن السعوديين يعولون على منتخبهم الحالي في رد الاعتبار بتحقيق الفوز، وهو وحده الذي سيضمن له العبور للمباراة النهائية لاستعادة لقبهم المفقود منذ (خليجي 16). الامارات عبرت البحرين وسيضرب الفائز في المباراة عصفورين بحجر واحد، ففي حالة فوز المنتخب الإماراتي فإنه سيؤكد استحقاقه بالفوز في (خليجي 18) وسيضمن اللعب على النهائي الذي سيكون بمثابة البوابة الأخيرة له للفوز باللقب، في حين سيكون الفوز السعودي استرداداً لهيبته التي أطح بها (الأبيض) الإماراتي في أبوظبي، ونافذة سيطل بها على النهائي الخليجي كخطوة أخيرة لمنصة التتويج باللقب. وتتشابه ظروف الفريقين في هذه المواجهة إلى حد بعيد، فكلاهما دخل البطولة بفريق يتمثل معظمه بلاعبي الصف الثاني، لاسيما المنتخب السعودي، الذي يفتقد كل لاعبيه الأساسيين الذين تمت أراحتهم للمشاركة في بطولة كأس آسيا التي ينتظرهم استحقاقها في السابع من يناير المقبل، إذ يفتقد الفريق في هذه البطولة لاعبين مميزين كالحارس وليد عبدالله، والمدافع أسامة هوساوي، ولاعبي الوسط الشقيقين عبده وأحمد عطيف، والمهاجمين ياسر القحطاني ونايف هزازي. في حين وجد المنتخب الإماراتي نفسه مضطراً لدخول البطولة في ظل غياب 10 من لاعبيه الأساسيين، وهم إسماعيل مطر، ومحمد الشحي وحمدان الكمالي، ومحمود خميس، وسعيد الكثيري، وأحمد خليل، وذياب عوانة، وعامر عبدالرحمن، وعبدالله موسى، وعلي خصيف، إذ شارك عدد منهم مع المنتخب الأولمبي الذي حقق الميدالية الفضية في (أسياد غوانزو) التي اختتمت مؤخرا في الصين، في حين سيشارك لاعبون آخرون مع نادي الوحدة في بطولة العالم للأندية التي ستستضيفها العاصمة أبو ظبي في الثامن من ديسمبر الجاري. بسيرو ورغم ذلك فقد استطاع المنتخبان بلوغ الدور نصف النهائي، إذ تصدر منتخب الإمارات مجموعته بعد ان جمع 5 نقاط بعد تعادله في مجموعته الثانية مع العراق وعمان سلبياً، وفوزه على البحرين بنتيجة 3-1، في حين حل المنتخب السعودي ثانياً بذات الرصيد النقطي بعد فوزه على اليمن برباعية نظيفة، وتعادله مع الكويت سلبياً ومع قطر بهدف لكل منهما. ويقف معظم النقاد والمتابعون للبطولة في منطقة وسط لاسيما على صعيد التوقعات، إذ يرون في تمثل المنتخبين بلاعبي الصف الثاني سبباً في جعل الأجواء رمادية قبل المباراة، خصوصاً أن نتائجهما كانت متقاربة إلى حد بعيد في الدور الأول، إن على مستوى النقاط أو حتى الأهداف، ما يزيد الأمور تعقيداً. ويؤكد على هذه الحقيقة رئيس القسم الرياضي في جريدة (البلاد البحرينية) أحمد كريم الذي يرجع صعوبة التوقعات إلى تشابه ظروف الفريقين، وتقارب مستواهما، إذ يعتمدان على عنصر الشباب، مرجحاً أن يلعب عاملا المهارة وتكتيك المدربين الدور الأبرز في ترجيح كفة احدهما على الآخر. ويضيف: "لاعبو المنتخب السعودي يتميزون على مستوى المهارة الفردية، ومدرب الإمارات السلوفيني كاتانيش يتفوق على بيسيرو على مستوى التكتيك والتوظيف وقراءة الخصوم، ومن هنا تتعقد الامور أكثر". ميتسو ويرى رئيس القسم الرياضي في (جريدة البلاد) نفسه مغامراً حينما يتوقع فوز المنتخب السعودي في المباراة، مشددا على أنه يعول في ذلك على التاريخ البطولي للمنتخب السعودي وعلى وجود لاعب بحجم محمد الشلهوب "الذي يعتبر ورقة رهان، فضلا عن رغبته في تحمل المسؤولية في المباراة كقائد للمنتخب وتعويضاً عن إخفاقه في ضربة الجزاء التي أهدرها في مواجهة الكويت". ومثل أحمد كريم كثيرون يرون في وجود لاعب بمهارة وخبرة محمد الشلهوب (30 عاماً) دعامة قوية للمنتخب السعودي، إذ يعتبر أحد أهم لاعبي البطولة إن على مستوى المهارة الفردية، أو على مستوى سجله الحافل بالإنجازات، سواء مع المنتخب السعودي أو ناديه الهلال، ويكفيه فخراً أنه اللاعب الوحيد في البطولة الذي سبق له اللعب في كأس العالم حيث شارك مع (الأخضر) في مونديال كوريا واليابان 2002، وكان قاب قوسين من تمثيله في مونديال ألمانيا 2006، لولا الظروف العائلية القاهرة التي ألزمته على العودة للعاصمة الرياض؛ ويعد الشلهوب رمانة التوازن في المنتخب السعودي. لكن في المقابل فإن آخرين يرون في وجود لاعب بثقل سبيت خاطر(30 عاماً) في منتخب الإمارات ورقة مرجحة له، فهو يعد واحداً من أبرز لاعبي الجيل الأخير في الكرة الإماراتية سواء مع المنتخب أو مع نادي العين وكذلك الجزيرة الذي انتقل لصفوفه قبل موسمين، إذ يتميز بالقيادية فضلا عن تميزه في مهاراته الفردية سواء في المراوغة أو التسديد، وكذلك في صناعة اللعب، إذ يعد أحد أبرز لاعبي وسط الميدان في منطقة الخليج. ولا يقلل بروز الشلهوب في المنتخب السعودي، وسبيت خاطر في المنتخب الإماراتي من حقيقة أن اللاعبين الشباب في المنتخبين قد لفتوا الأنظار إليهم، كما فعل المهاجم مهند عسيري ولاعبو الوسط إبراهيم غالب وعبدالعزيز الدوسري واحمد عباس، وكذلك الظهير الأيسر مشعل السعيد الذين قدموا مستويات لافتة في المنتخب السعودي، وكذلك فعل لاعبو المنتخب الإماراتي كالحارس ماجد ناصر ولاعبو الوسط فارس جمعة وعلي الوهيبي والمدافع خالد سبيل. ولا يخفى على الكثيرين من مراقبي البطولة حالة القلق التي تعتري الشارع الرياضي السعودي من النواحي الفنية التي يتولى زمامها المدرب البرتغالي خوزيه بيسيرو، إذ لا يثق معظم السعوديين في قرارات مدرب منتخبهم خصوصاً على مستوى التغييرات الكثيرة التي يجريها على تشكيلة المنتخب، وتدخلاته خلال المباراة والتي تفقد الفريق الكثير من مقومات قوته، وزادت حدة القلق في مباراة المنتخب الأخيرة مع قطر، حيث كان قاب قوسين من توديع البطولة، لولا الخطأ القاتل الذي وقع فيه المدافع حامد شامي في الدقائق الأخيرة بإحرازه هدفا في مرماه، ليفرض التعادل الذي أهل (الأخضر) لهذا الدور، في حين يسود الارتياح الأوساط الكروية في الإمارات للدور الذي لعبه مدرب (الأبيض) كاتانيش في تهيئة فريقه ومساعدته على تصدر مجموعته، والتأهل لهذه المواجهة، إذ باتوا يعولون عليه في تكرار الانجاز الذي تحقق في (خليجي 18) على يد المدرب الفرنسي للمنتخب آنذاك برونو ميتسو.