حين جاء يوسف إلى الرياض من أدغال كيرلا بالهند كان حلمه شراء (سيكل) ليمتطي صهوته كل صباح متنقلاً بين البيوت ليحل مشكلات المياه والسباكة لساكنيها.. كان ذلك في العام 2002م.. لكن في العام 2007م كانت الأمور في الرياض قد تغيرت.. وتغير معها حال يوسف السباك.. فقد أصبح لديه سيارتان.. احداهما سيدان خاصة بعائلته ، والأخرى وانيت خصصها يوسف لأعمال السباكة.. العائلة التي لم تكن لتحلم بدراجة نارية في الهند لم تصدق نفسها وهي تمتلك سيارتين في الرياض حتى وإن كان رب تلك الأسرة يعمل سباكاً.. فما الذي حدث يا ترى؟ رؤية يوسف لما حدث هي أن تخفيض سعر البنزين كان سبباً رئيسياً مهماً ليشجع يوسف على شراء سيارتين لا تصل قيمتهما مجتمعتين لخمسة آلاف ريال.. والسبب الآخر هو تراجع التدقيق على عملية الفحص الدوري والأوراق الثبوتية.. فالسيارتان لا تحملان فحصاً دورياً ، ورخص السير الخاصة بهما منتهية .. لكن الأمور تسير جيداً مع يوسف فهو يحقق مداخيل جيدة بفضل السيارة المتهالكة التي توصله لأكثر من حي في الرياض بوقت أسرع بكثير من السيكل.. وهو بالتأكيد لا يأبه بسكان الرياض والزحمة التي يعانونها .. يوسف حالة من ظاهرة كبيرة من العمالة التي استغلت تخفيض سعر المحروقات عام 2006م لشراء سيارات متهالكة بغية الاستفادة منها في أغراض شتى.. هذا الحال أدى بالسيارات التي كانت في العادة تنتهي حياتها في أحواش التشليح إلى العودة من جديد إلى الشوارع العامة بأثمان بخسة متوسطها 5000 ريال.. فلم يعد غريباً في مدينة الرياض أن يشاهد سكانها أو زائروها سيارة صغيرة صنعت في السبعينيات أو الثمانينيات الميلادية تتبختر في تلك الشوارع الفسيحة.. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الجهات الرسمية عجزها عن مواجهة هذا الواقع المروري المرير.. فقد أكد مدير الإدارة العامة للمرور اللواء سليمان العجلان، أنه يوجد في المملكة نحو ستة ملايين مركبة لم تخضع للفحص الدوري، مشيراً إلى أن عدد المركبات المسجلة لدى المرور يبلغ 8.250 ملايين مركبة لم يفحص منها سوى 1.7 مليون سيارة فقط.! الانفراد بالطريق وبدون لوحة وتتعدد استخدامات تلك المركبات المتهالكة من قبل ملاكها من العمال.. إلا أن أغلبيتهم يستخدمونها في رواحهم وغدوهم سيارة أجرة عامة في أوساط العمال.. فقد تضمنت إحصائية المرور لعام 1430ه أن المرور قد أصدر 12741 مخالفة تحميل ركاب .. فيما سجل 82339 مخالفة قيادة بدون رخصة سير ، وكذلك 120950 مخالفة القيادة بدون رخصة قيادة.. وإن كانت تلك المخالفات لا تدل بالضرورة على أن مرتكبيها في غالبيتهم من العمالة الوافدة ، إلا أن مدير مرور الرياض قال بأن 65% من المخالفات المرورية مرصودة على أجانب .. مما يعزز نظرية مساهمة العمالة ومركباتهم المتهالكة في إرباك المشهد المروري العام. ووسط حالة الضعف في الأداء التي يعانيها جهاز المرور في المملكة أمام طوفان الزحام الذي تشهده المدن الكبرى في المملكة ، تبدو الحلول السهلة ، وإقامة الحملات الأمنية الحنون التي تكتفي بطلب ربط حزام الأمان غير كافية لمواجهة المعضلات المرورية في البلاد.. فإدارة المرور أصدرت في العام الماضي رخصة سير ل 625000 مركبة جديدة ، تلتقي مع السيارات العائدة للحياة من جديد لتشكل سيلاً جارفاً تصعب السيطرة عليه.. ويطالب مهتمون بشأن السلامة المرورية بأن تسن أنظمة صارمة وفاعلة تعيد الهيبة للنظام المروري في المملكة ، وتؤصل لمبدأ السلامة المرورية ، وتعالج مشكلات الازدحام المروري الذي باتت مؤرقة للمواطنين .. وكانت دول في الجوار قد تصدت لمثل هذه المشكلة من خلال حزمة من القرارات كان أهمها منع السيارات التي صنعت قبل عام 1990م من السير ، وكذلك حصر إصدار رخص القيادة بالنسبة للأجانب على مهن معينة. سيارة تجاوزت الفحص الدوري وكانت الإدارة العامة للمرور قد قالت في أحدث تقاريرها ان عدد الحوادث المرورية التي وقعت خلال العام الماضي 1430ه بمختلف مناطق ومحافظات المملكة بلغت أكثر من 3015473 حادثا. في الوقت الذي أشارت فيه الدراسات إلى ارتفاع الكلفة الإجمالية للحوادث المرورية في المملكة إلى 19.008.812.070 ريالا بحلول عام 1435ه. موديل السبعينيات الميلادية