قيل لعُبيدالله الورّاق: ما هي أسوأ طباع الناس ..؟ قال: أن تنتظر أحدهم ليمر فتفاجأ بأنه ينعطف قبل الوصول إليك تاركاً ضغط دمك في أعلى مستوياته. قيل ثم من ؟ قال: ذلك الملقوف الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة من أمور الأمّة رغماً عن أنهُ غير مسؤول ولا وزير ولا موظف دولة ولم توكل إليه مسؤوليات ولا مهام. يتكلم باسم الدين ويلبس جبّته، ومن سوء طباعه أنه يعرف بأن الصمت عنه ليس إجلالاً لمكانته ولا امتناناً لأفعاله، إنما هو صبر الحكيم الذي لن يدوم طويلاً. قيل ثم من ؟ قال: موظف حكومي غرّ يعتقد بأنه يتكرّم على المراجعين حين يقوم بعمله، لا يُساعد الصغير ولا يحترم الكبير، كثير الغياب، مُدمن على الاستئذان، الغريب في أمره أنه يحظى بالدورات أكثر من غيره لا حُباً في تطوير قدراته بقدر ما هي الرغبة في التخلّص من إزعاجه. قيل ثم من ؟ قال: ذلك البائع الذي يعطي حلو الكلام من طرف اللسان عند إقناع الزبون ثم ينقلب كالوحش الكاسر حين الرغبة في رد البضاعة أو استبدالها. قالوا ألا يوجد هناك من يردعه عن غيه. ضحك الورّاق طويلاً ثم قال: كانت أماني البسطاء من الناس أن تنصفهم جهة يقال لها (جمعية حماية المستهلك)، ولكنهم صُدموا بأنها أوهن من خيط دخان تهشّه بأصبعك وأنت متكئ . قيل وهل هناك غيرهم؟ قال: الكثير لكن بعضهم يتغير مع تغير الزمن، ثم ما يلبث أن يعود لما كان عليه كما يقول القوم "راعي الطبع ما يجوز عن طبعه " .