انتهى موسم الحج فيما يخص أكثر أيامه دقة وأهمية في سياق مكانته كفريضة إسلام متميزة الجماعية، وتوحّد الهوية الدينية بين مختلف الجنسيات في حضور متعدّد التأثير عبر أيامه المحدودة، فيما توحي به وحدة الحضور من تأكيد سواسية كل ما هو منظور من تحرك نحو الصفاء ووجدانية العبادة وأداء الفريضة المقدسة.. في الواقع يحدث كل عام أن يتحقق هذا النجاح، ونردّد جميعاً التأكيد بأن النجاح يتواصل رغم تواصل زيادة الحجاج.. سنضاعف التقدير للدولة إذا تأمّلنا جوانب أخرى ذات علاقة بتأهيل المواقع، المواصلات، الأمن، الرعاية الصحية، الحضور الإرشادي، معونة المحتاجين، معونة العاجزين.. إذا تأملنا ذلك وكل التفرّعات العديدة سنجد أن بلادنا.. دولتنا.. قد أنفقت الكثير.. الكثير.. حتى يؤدي أكثر من ثلاثة ملايين حاج وفي زمن وجيز معين.. وهذه ملاحظة مهمة.. الحج بنجاح مبهر.. ونظراً لما ينفّذ الآن من مشروعات تطوير وتحسين أداء سوف تشهد الأعوام القادمة معطيات نجاح تتواصل.. هناك جانب إكبار وتميّز يجب أن نقف عنده؛ وهو أن الدولة لا تتقاضى أي مصادر إيراد اقتصادي يأتي بها موسم الحج، وإنما هي تنفق ملايين صرف حتى يوفّر الاقتصاد راحة وسلامة كل حاج.. نحن نعرف أن دول العالم تستفيد من مواقعها التاريخية أو الفنية أو الدينية بما تتطلبه من عائد اقتصادي.. نتميز نحن بأننا مَنْ يصرف ولا يأخذ.. لكن.. كيف استطعنا أن نتحمّل كثافة المصروف.. بل أن يمر ذلك بشكل طبيعي معتاد.. أليس لأننا نملك مصادر اقتصاد سخية العائدات؟.. طبعاً ليست النخلة ولا يابس الأعلاف ولا أكياس البر حيث لا أرز في صحارينا.. مَنْ هو سخي بتعدّد سخاء الإنفاق؟.. عندما أشير إلى البترول فلست أشير إلى حقيقة غائبة عن أذهان وجود المجتمع، وإنما هي غائبة عن مفاهيم أقلية الانغلاق الديني الذين ليس بمقدورهم أن يرحّبوا بتعدّد الثقافات العلمية، وأن يكون لهم انفتاح على تعدّد نوعيّات التقنية التي يقود الرجل الملهم.. البارز.. عبدالله بن عبدالعزيز مجتمعه كي يستفيد من كل مصادر قدرات أرضه.. الانفتاح العلمي ليس له تضاد مع الدين، فأمامنا أحد مكاسبه في مناسبة يتكاثر فيها ثناء المسلمين على كرم الرعاية والضيافة..