** يوشك ضيوف الرحمن على الرحيل إلى بلادهم.. بعد أن مكنهم الله سبحانه وتعالى من أداء فريضة الحج لهذا العام بيسر وسهولة.. وبأمن وسلام نحمد الله عليهما.. ونسأله المزيد من العون والتوفيق على أن حفظ حجاج بيته الحرام.. وساعدهم على تحقيق واحدة من أماني العمر بمثل هذه السلاسة رغم زيادة عددهم هذا العام بصورة غير مسبوقة.. ** والمملكة وإن كانت تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على أرواح الحجيج وتأمين سلامتهم وتوفير الأسباب الكفيلة بأدائهم لهذه الفريضة.. بحكم مسؤوليتها وكذلك بحكم تشرفها بخدمة ضيوف الرحمن.. إلا أن ذلك لا يعفي الدول الإسلامية كافة من تحمّل مسؤولياتها تجاه الحجاج القادمين منها إلى هذه الديار.. بحيث تتكامل جهودهم مع جهودنا لنحقق في النهاية كل الأهداف المرجوة من أداء هذه الفريضة بالصورة المثلى.. ** ومن أجل أن يتحقق هذا التكامل في الجهود، بصورة أكبر وأفضل في المستقبل فإنني أطرح التصورات التالية: أولاً: قيام المملكة ببلورة استراتيجية شاملة للتعاون الشامل بين هذه البلاد، وبين الدول الإسلامية الأخرى لتأهيل الحجاج القادمين إلى هذه الديار تأهيلاً كافياً قبل الوصول إلينا.. وذلك بتدريبهم لمدة ثلاثة شهور على الأقل على أداء الشعائر ومراحل وخطوات التنقل بين المشاعر.. وفقاً لخطط وبرامج تعد بصورة مسبقة ومتفق عليها ومحكمة أيضاً.. ثانياً: إيجاد أمانة عامة ترتبط بلجنة الحج العليا المنظمة لهذه الاستراتيجية تكون مهمتها الاشراف على تنفيذ بنودها - على مدى العام - وتذليل العقبات الناشئة عن التطبيق.. وتيسير السبل المؤدية إلى تحقيق النجاح المنشود لها.. حتى وإن تطلب الأمر إيفاد مرشدين من المملكة إلى الدول الإسلامية للمساهمة في تلك البرامج التأهيلية من الناحيتين الشرعية.. والتنظيمية والسلوكية أيضاً.. ثالثاً: تغطي الاستراتيجية المشار إليها كافة الجوانب التنظيمية والاجرائية.. بدءاً بإجراءات السفر وانتهاء بالعودة إلى بلدانهم ومروراً بالإقامة والسكن والتنقل ومنع المخالفات.. وعمليات الابتزاز أو المتاجرة أو التلاعب التي تحدث من قبل الأطراف الوسيطة وضمان جميع الخطوات وفقاً للأنظمة والتعليمات التي تحكم جميع تلك المراحل وتحول دون استمرار بعض المشكلات ومنها تكدس الحجيج عند العودة إلى بلدانهم نتيجة عدم الوفاء بتوفير رحلات طيران كافية وما في حكمها. رابعاً: تنظم هذه الاستراتيجية أوضاع بعثات الحج بصورة أفضل وتحدد أدوارها ومسؤولياتها بدقة.. وتضع آليات دقيقة للتعاون والتنسيق بينها وبين الأجهزة والأطراف ذات العلاقة بالمملكة ولا تخرج عن إطارها.. خامساً: تحدد تلك الاستراتيجية سنة بسنة قوائم المرخص لهم بالحج من القادمين إلينا قبل فترة كافية لا تقل عن شهر كامل.. ولا يسمح بتجاوز تلك القوائم بأي حال من الأحوال لاعتبارات أمنية.. وتنظيمية.. وموضوعية كافية. سادساً: يجتمع سفراء الدول الإسلامية كل عام برئيس لجنة الحج العليا قبل ستة شهور من بدء موسم حج كل عام بهدف التنسيق وتبادل الرأي والوقوف على المستجدات.. والتواصل - بعد ذلك - مع دولهم لتحقيق المزيد من التعاون المتقن بيننا وبينهم لما فيه خير وصالح الحجيج.. ** والحقيقة ان الحاجة باتت ماسة لعمل جماعي مشترك وعلى أعلى المستويات حتى تتحمل الدول الإسلامية مسؤوليتها الكاملة تجاه الحجاج القادمين منها.. ** أما الدول غير الإسلامية التي يفد منها مسلمون لأداء الفريضة فإنه يُحسن أن يتم التنسيق معهم بنفس الصورة وبآليات تتفق مع طبيعة تلك الدول تحقيقاً لمصلحة المسلمين القادمين منها إلينا لأداء مناسك الحج. ** وفي كل الأحوال.. فإن الضرورة باتت مُلحة لفتح قنوات اتصال أفضل بيننا وبين تلك الدول.. لاسيما في ظل تزايد عدد الحجاج.. وصعوبة استيعاب تلك الزيادات في مناطق محددة ومحدودة.. مهما أضفنا من انجازات ومهما وفرنا من خدمات.. ومهما أنفقنا من أموال.. *** ضمير مستتر: **(المسؤوليات التاريخية العظمى.. تقضي بتضافر الجهود المؤمنة برسالة السماء.. وليس باستغلال الحج لأغراض أخرى).