من فضل الله على أي حاكم أن تتاح له خدمة عباده و تسهيل عباداتهم و نشر دينه القويم، والتاريخ يشهد أن العرب كانت تتفاخر في سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ، فكيف بهذا الفخر والمجد والعز اذا كان مِن مَن يؤمن بالله ورسوله ويطبق ما أنزل الله في كتابه ، فإن ذلك لعمري فضل وأي فضل ، والله يؤتي فضله من يشاء. واليوم يقف الحديث عاجزا عن وصف هذه المشاريع العملاقة ، والتي نشهدها في كل حج ، فكان جسر الجمرات والذي بعده أصبحت من أسهل الشعائر ، واليوم قطار المشاعر ، والذي نتطلع أن يلغي زحام الحافلات نهائيا في المستقبل القريب ، وغدا سنرى توسعة المطاف ، وغيره من المشاريع التي سوف تجعل الحج ، تظاهرة روحانية وهندسية واجرائية ، تكون مثالا رائعا للعالم في كل مجال. وفي هذا المقال ، اطرح فكرة مجددة تتمثل في نشر أجهزة تشبه أجهزة الصراف الآلي (ATM) في منطقة منى وعرفات ومزدلفة والحرمين ، متصلة ببعض عبر شبكة سلكية أو لا سلكية ومرتبطة كلها بمركز رئيسي فيه كل معلومات المشاعر والحجاج ، ويحوي هذا الجهاز شاشة تعمل باللمس وهاتف ، وطابعة وسماعة ، بحيث يتم ادخال بيانات الحجاج في مركز المعلومات قبل الحج عن طريق الحملات لكل حاج بشكل مفصل وكذلك يتم ادراج كل بيانات المشاعر من أماكن و فعاليات وخرائط من قبل كل الجهات المشاركة في الحج. يعطي كل حاج سوارة يلبسها في معصمه ، فيها رقاقة الكترونية صغيرة تسمى المعرفات اللاسلكية (RfID) ، فعندما يقف الحاج أمام الجهاز فانه يتم التعرف عليه لاسلكيا من خلال السوارة ، عندها يظهر على الشاشة قائمة (دليل الحج ) مكتوبة بلغة الحاج ، فإن كان فرنسيا فستظهر القائمة باللغة الفرنسية ، وهكذا. تشمل القائمة امورا عديدة ، أولها ( أين أنا ) فعند اختيارها تظهر للحاج خريطة المشعر المتواجد فيه ويظهر موقعة الحالي ومقر حملته التابع لها ، مع مخطط بسيط للوصول الى هناك ، مع امكانية طباعته. ويلي هذا في القائمة اختيار ( النسك القادم ) حيث تظهر له معلومات بسيطة عن ما يتوجب عليه فعله ، وحيث ان مدير الحملة التي يتبع لها هذا الحاج قد ألزم بادخال معلومات مفصلة حتى نوع النسك الذي ينويه الحاج ، هل هو متمتع أم قارن أم مفرد ، وعليه فإن النظام سيقوم بتوجيهه وفقا لذلك وسيحدد له الاوقات المناسبة لأداء ذلك النسك ، بل ويمكن له مشاهدة صورة حية ومباشرة لأي مشعر مثل الجمرات أو الطواف أو غير من الكاميرات المنتشرة في المشاعر. كما تبين له الشاشة اختيار (أماكن وأنشطة )، إذ تظهر له أهم الاماكن القريبة منه مثل المستشفيات او المطاعم او مراكز التوعية وغيرها كذلك تظهر له أهم الانشطة من مؤتمرات ومحاضرات التي سوف تعقد هنا أو هناك. من القائمة اختيار ( أسئلة وأجوبة ) يظهر أهم الاسئلة المتوقعة لكل زمان ومكان أثناء الحج ، فأسئلة يوم التروية ، تختلف عن قبيل غروب شمس عرفة وهكذا حتى آخر أيام الحج وبشكل آلي ، وأيا كان استفساره فإنه بمجرد رفع السماعة المعلقة بالقرب من الشاشة فسيتم توصيله آليا الى مركز اتصال الحج وسيرد عليه شخص قائلا ( السلام عليكم ، بنسواغ ) ليرشده الى ما يريد وبلغته. في الحالات الطارئة ، فان إزالة السوارة من الحاج ، ووضعها بالقرب من أحد هذه الاجهزة وطلب اختيار ( معلومات طبية ) فانه سيطبع كل المعلومات الطبية عنه ليتم اسعافه بصورة سريعة ، وإلا فان كل المراكز الطبية لديها هذا الجهاز إذ يتم استخراج سجله الطبي قبل فحص الطبيب. يوجد في القائمة خيارات كثيرة لا يتسع المقال لها ، ولعل المختصين عن الحج والحجاج لديهم عشرات الأفكار لاضافتها في القائمة ، فهم وربي لا يألون جهدا في المساهمة في تحقيق شغف الريادة في ضيافة ضيوف الرحمن ، والتي تفتخر بها بلادنا واعتز بها ويعتز بها كل سعودي.