ما الوطن، ومن هو المواطن، وما واجبات كل منهما نحو الآخر، وما عقوبة من خالف تلك الواجبات، وما الوطنية أو المواطنة، وما المفهوم الديني والعربي والإنساني لفكر وطن الحرمين الشريفين (المملكة العربية السعودية) ببعده التاريخي والجغرافي، وما الصور التي تمارس في وقتنا الحاضر، وتؤثر سلباً في الارتباط الفكري بهذه الأرض المقدسة، التي قد تتصدع بسببها وحدتنا الوطنية ولحمتنا الاجتماعية؟. وكيف يمنع ممارسوها ويعاقبوا، وما علاج نتائج فعل مثل هؤلاء المتعصبين لفكر سياسي، أو مذهبي، أو لعصبية قبلية، أو إقليمية، أو أسرية، أو نفعية إن صح التعبير، وأقصد بها أصحاب المصالح الشخصية غير المشروعة؟. أسئلة كثيرة تدور في المخيلة تحتاج إلى إجابة مؤطرة شرعاً من خلال تعريف موحد لهذه المفاهيم وتلك المصطلحات الوطنية ولعل وجود مرجعية تعد من المؤسسة الدينية التي يمثلها كبار علمائنا الأجلاء بهيئتهم الموقرة ويشارك بها علماء مختصون في شتى العلوم التطبيقية والنظرية، وتكون في متناول الجميع هو الأمل الذي يؤصل به فكر وطني حي، يكون مصدر غذاء لعقول الأجيال السعودية المقبلة، بل سلوك تربوي لتعاملاتهم ومعاملاتهم مع ولاة الأمر، ومع وطنهم، وفيما بينهم، ومع غيرهم، ومن ثم يتسربلوا درعا محصنا يقيهم شر تلك التيارات الفكرية المنحرفة التي تعصف بالوطن بين فينة وأخرى، منذ دولته الأولى حتى اليوم، تلك التيارات التي لم تجد بابا تلج معه لتصل إلى عمق المجتمع السعودي، وتدغدغ مشاعره سوى باب الدين، مع وجود تقنية علمية حديثة سهلت دخول من شاء معه، وأكبر دليل على ذلك الأسماء المستعارة التي تقوم بغسيل منظم لعقول شبابنا عن طريق الشبكة العنكبوتية باسم سماحة الشيخ فلان، أو فضيلة الشيخ أبو فلان، وقد يكون سماحته أو فضيلته يهودي الديانة، ولكن لديه اطلاع شرعي يهدف من خلال الالمام به، تتبع كل أمر تختلف حوله وجهات نظر الأمة، ويؤدي إلى مجادلة عقيمة ومن ثم فتنة أليمة، كما هو الآن عن علاقتنا بغير المسلمين، أو الولاء والبراء أو قضية الجهاد.. إلخ. هي محاور دينية تحتاج إلى علماء موحدين وجهابذة ربانيين يفندون بحجج الكتاب والسنة، وما تجمع عليه الأمة كل مسألة شرعية شائكة اتخذها أعداء وسطية الدين والسنة المحمدية شركا لهم وشباكا يصطادون بها من تدفعه رياح الجهل بالعلم الشرعي؛ ليضعوا منه وقود فتنة لنار يشعلونها متى ما شاءوا لتأكل الأخضر واليابس، ولتتعطل بها حياة أمة بعث رسولها عليه السلام للعلم والعمل، بل الأخطر من أصحاب هذه الأسماء المستعارة والوهمية؛ هؤلاء الذين يعيشون معنا أجساداً، وعقولهم خارج الوطن، عليهم سمات الورع والتقوى، أو أنهم يدعون حب الوطن، الأمر الذي مكنهم من عقد دوائر مغلقة لتعليم صغار السن، أو اتباعهم مبادئ فكرهم المنحرف، هذه الدوائر تتسع يوماً بعد يوم، لتولد لنا دوامة أزمة جديدة قد تختلف بالأسلوب وتتفق مع غيرها بالهدف، ومع أنه يوجد لدينا خبرة ثرية ناجحة في مكافحة الإرهاب الفكري، وفكره الإرهابي، إلاّ أننا نتعامل مع النتائج ونترك المسببات، الأمر الذي أصبحنا به وكأننا أمة طوارئ، نستعد فقط لصد هجوم عدو من دون ان نعرف كيف هو استعد للهجوم علينا، ولم، وما عدته وعتاده.. بل لم نعمل لكيفية اقتلاع جذوره.. ولعل أهم المسببات هو عدم وجود فكر وطن سعودي يجري مجرى الدم بعروق أهل هذه الأرض الطيبة، وقد تكون مرجعية الفكر الوطني، هي الحل النهائي الذي يدوم ما دامت الحياة قائمة، هذه المرجعية يجب ان تصل لآخر نقطة في العالم وتؤثر لا تتأثر، بل يستقبها المتلقي بأبسط الطرائق وأقل التكاليف مع أهمية مواكبتها لحوارنا الوطني وحوار الأديان السماوية والحضارات الإنسانية الذي تأسس من وطننا وانطلق منه نحو العالمية. في الختام لا شك أنا هناك جهدا واجتهادا إلاّ ان توحيد هذا كله واتحاده في مرجعية وطنية تستمد فكرها من فكر أول دولة أسست للإسلام هو حقيقة الفكر الوطني السعودي الذي يقوم على (أرض إنسانية، تاريخ إسلامي، دولة تطبق شرع الله). وقبل ان أنسى سؤال أواجهه لأهل الاختصاص هل بالامكان ان يتغذى الفكر الديني المنحرف من فكر آخر كالفكر السياسي وإن كان كذلك. فعلى من وثق بهم ولاة الأمر ان يتحروا صدق تلك الأوراق المذيلة بشهادة أحدهم وتزكيته بأن فلان ابن فلان من أسرة سعودية عرف عنه الاستقامة.. ليمنح بعد ذلك الجنسية السعودية التي تخوله استخدام أحقيته بالمواطنة في غير وجهها السليم حيث يتضح فيما بعد ان ما كتب بورقته تلك غير صحيح، بل نجده ينتمي لأحزاب سياسية منحرفة ذات أجندة معادية لنا. وقد تكون هذه الورقة مدفوعة الثمن، عيب يرتكب بحق الوطن بل ما يرجى من المؤرخين والنسابة الانتباه لمثل ذلك. وقفة.. ألقاك غداً في إسرائيل بهذه الكلمات استبدل اليهود تحيتهم اليومية المعتادة ليؤسسوا بها فكراً استعمروا به فلسطين فيما بعد، بل سيطروا به على العالم بأسره، فكيف بنا نحن أمة الإسلام لو عملنا بتحية الإسلام الخالدة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) قولاً وعملاً. * المديرية العامة للجوازات