هل أصبح الإعلام ضحية نجاحاته بعد ووتر غيت وإيران جيت ورينبو وارير ؟؟ هكذا يتساءل الدكتور " بال " أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس في كتابه (الميديا) من منشورات دار الكتاب الجديد المتحدة ط(2008) يقول: هل كان واثقاً بنفسهِ(أي الإعلام) أكثر من اللازم إلى حد أنه نسي أحيانا القوانين المهنية والأخلاقية التي التزم بها ؟؟ في السابق كان يقال " كلام جرايد " بقصد تسفيه مصداقية ما يُنشر في الصحف، وفي هذا الزمان يترحمون على ذاك الكلام بعد أن طغى الغث في المواقع وما يُسمى بالصحف الإلكترونية. اليوم حين ينتشر خبر ما، يقولون " عسى ما هو من الانترنت "..! شيء مؤسف أن تتزعزع مصداقية أحدث وسيلة اتصالية وهي لا تزال في المهد. طبيعي حينما يُصدم المُتلقّي مثنى وثُلاث ورُباع فإنه لن يثق في الخامسة على الإطلاق وحلّني حتى يعود ليُصدّق بعد سيل تلك الأكاذيب. لا أقول هذا انحياز للصحف الورقية حيث أكتب، فكم من صحيفة ورقيّة صفراء فيها من الأكاذيب ما تنوء بحمله أعتى البارجات. إنما أذهلتني إحدى نتائج دراسة قمت بالاشتغال عليها نهاية عام 2009. الدراسة عبارة عن بحث موسّع لتقييم اتجاهات القرّاء تجاه الصحافة السعودية في عصر الانترنت قدّمتها كأطروحة لنيل شهادة دكتوراه. استبيان الدراسة شمل عدد(600) مبحوث مناصفة بين الإناث والذكور من مختلف شرائح المجتمع. سأذكر هنا فقط ما يتعلق بالمصداقيّة. في سؤال عن " ما هي نوعية الصحافة التي تفضلها" كانت الخيارات المطروحة (مطبوعة، إلكترونية ، كليهما) 86،6% من الشريحة العُمرية مابين 15الى 25سنة. قالوا: (الإلكترونية ) لكن 92،3% منهم (أي من ال 86،6%) قالوا بأنهم يرون الصحافة الورقية الأكثر مصداقية في نقل الأحداث والأخبار والمعلومات. بمعنى أنهم لا يثقون في مصداقية المواقع والصحف الإلكترونية تقريباً.إذاً المصداقية عنوان صارخ لما تُعانيه الصحافة والمواقع الإلكترونية . لا يُلام من يشكّ في مصداقية مُعظمها فمن ينقل الإشاعات على أنها حقائق مؤكدة ثم ينكشف لاحقاً جديرٌ بالتجاهل. أعرف بأن المستقبل للصحافة الإلكترونية وأن زمنها آتٍ لا محالة لكن هل ما نراه اليوم في الغالب يُسمى صحافة إلكترونية ؟؟ وبأي معيارٍ يمكن تصنيفها؟؟ للحديث بقيّة.