عندما تحدث مشكلات فردية لبعض الطلاب المبتعثين كأن يتعرض للسرقة أو يقدم هو على سلوك مخالف للقانون، يأتي من يقول إن الابتعاث سياسة خاطئة، وربما يضيف (بكل المقاييس). ليست القضية قضية تعميم فقط وإنما هي حكم مسبق جاهز على برنامج الابتعاث قبل ان تحدث اية مشكلات، وعندما تقع هذه المشكلات الفردية المحدودة يظهر ذلك المشكك ليقول: ألم أقل لكم منذ البداية إن الابتعاث خطأ وخطر! تلك المشكلات التي واجهت بعض المبتعثين نقرأ مثلها وأكثر في بلدان كثيرة، وتحفل الصحف اليومية أيضا بحوادث تحدث داخل المملكة مثلما تحدث في كل المجتمعات وإن بنسب مختلفة. وإذا كانت بعض السلوكيات الخارجة عن القانون التي تحدث في المملكة تقع بفعل بعض المقيمين فهل يجوزالقول إن كافة المقيمين سيئون؟ أو نقول يجب وقف الاستقدام بشكل كامل؟ أو نوجه التهم لجنسيات معينة؟ لو فعلنا ذلك فإننا نصدر احكاما غير علمية وغير منطقية. المعلم الذي يتندر عليه الطلاب بسبب سلوكياته، هل يبرر لنا التقرير بضعف مستوى كافة المعلمين؟ تدني مستوى أداء بعض الأجهزة الإدارية هل يعود الى اخطاء فردية أم يعكس سياسة الجهاز؟ متى نصل الى رأي مؤكد بأن أحد الأجهزة حالة ميئوس منها، وأنه بحاجة الى حل جذري شامل؟ اعتقد ان لغة الأرقام ، والتقييم الموضوعي المستند الى الحقائق والمعلومات الموثقة كفيلان بالتوصل الى ذلك الرأي. إن أحد اسباب العلاقة المتوترة بين الرأي والرأي الآخر هو في ميل المحاور الى التطرف في آرائه واحكامه التي يرى انها نهائية وغير قابلة للنقاش، مما يؤدي الى رأي متطرف آخر يقول بعكس ذلك (هذا يحدث داخل المجتمع الواحد، وبين مجتمع وآخر). هذا التطرف في الحوار لم يصل الى حد الظاهرة، ولكن يمكن ملاحظته في سجالاتنا الثقافية والاجتماعية والرياضية. هناك من يميل الى التعميم وكأنه يريد أن يريح نفسه من عناء التفكير والتحليل وجمع المعلومات فيتوجه مباشرة الى إصدار الآراء القاطعة. الموضوع ليس له علاقة بتعدد الآراء ومقولة ( اختلاف الرأي لايفسد للود قضية) الموضوع هو أن تسأل عن تقييم شخص معين فيقول لك احدهم ( يارجال ما عنده سالفة) أو تسأل عن برنامج الابتعاث فيقال لك: هذا برنامج فاشل ! أو تتعاقد مع شخص من جنسية معينة فيقول لك أحدهم: انتبه، هؤلاء كلهم خطر على المجتمع! أو هؤلاء كلهم يتصفون بالكذب! ويطلب رأيك في برنامج السعودة فتقول له انه فاشل بكل المقاييس أو ناجح بكل المقاييس، وهو لا هذا ولا ذاك فهذا البرنامج لا يعالج بهذه الآراء الانطباعية وإنما بالدراسات العلمية. ما نتحدث عنه ليس من خصوصياتنا بل يمكن ملاحظة ذلك في كثير من المجتمعات والخطر يتمثل في تأثيرالإعلام عندما يدار بتوجهات معينة فيؤثر في فكر الأفراد وسلوكياتهم وهذا أحد أسباب المشكلة. إن الآراء القاطعة عندما تكون على مستوى الأفراد فإنها وإن كانت أقل خطرا من الآراء الصادرة من مؤسسات إلا إنها نتاج لفكر المؤسسات وخاصة الإعلامية والتربوية. هناك خلل على نطاق عالمي يفعل فعله السلبي في العلاقات الإنسانية فيؤثر في إصدار الآراء المتطرفة والخطر هو ان تتحول هذه الآراء في نهاية المطاف إلى سلوك غير مقبول.