اختتم أمس المؤتمر الدولي لطب الحشود والتجمعات البشرية اعماله في مدينة جدة بحضور أكثر من 500 خبير و30 متحدثاً ومتخصصاً من مختلف دول العالم وخبراء منظمة الصحة العالمية والمنظمات الخليجية والعربية. وصدر عن المؤتمر التوصية بانشاء جهة مرجعية دولية مختصة بصحة الحشود والتجمعات البشرية مقرها المملكة العربية السعودية تكون مسؤولة عن مهام تصنيف وتعريف مصطلحات ومهام وأنشطة صحة الحشود كما تهتم بنشر ثقافة وبرامج وأنظمة صحة الحشود المبنية على المعطيات ومخرجات البحوث المعتبرة واليقينية. كما تبني المؤتمر فكرة استحداث جائزة يكون مقرها المملكة على أن تكون لها صفة عالمية وتمنح كل سنتين عند انعقاد ذلك المؤتمر وأن يطلق عليها اسم جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لصحة الحشود البشرية، الهدف منها تكريم المتميزين في التأصيل الممارسي والبحثي في هذا المجال الطبي الجديد.واختتم المؤتمر أعماله بعد مناقشة كافة أوراق العمل المقدمة من جميع الخبراء والمشاركين حيث أشادوا بالدور الرائد والخبرة الكبيرة التي اكتسبتها المملكة العربية السعودية من خلال تنظيمها المحكم لمواسم الحج والعمرة والتدابير التي تتخذها من أجل سلامة وأمن الحجاج والمعتمرين والحفاظ على صحتهم واتفقوا على أهمية أن تقوم المملكة بدور ريادي في مجال صحة الحشود والتجمعات البشرية. وأقرّ المشاركون تبني اعلان جدة لطب الحشود والتجمعات البشرية كأول اعلان اقليمي دولي يؤكد على أهمية تقديم الرعاية الصحية الشاملة المأمونة للمستفيدين من هذه الخدمات مع الاستثمار في كافة أسس تكامل هذه الرعاية، خاصة فيما يتعلق بتعزيز الصحة والتثقيف الصحي والوقاية وايجاد التدابير المثلى للموارد وتأهيل القيادات والكفاءات اللازمة. وضع إطار أكاديمي لتخصص صحة الحشود والتجمعات البشرية وتضمن إعلان جدة لصحة الحشود والتجمعات البشرية تقديم الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين على رعايته للمؤتمر وللحكومة السعودية على تسهيلها عقد هذا المؤتمر الذي ستكون له الفائدة الملموسة لتطوير صحة الحشود البشرية في العالم. كما أوصى المشاركون في المؤتمر بوضع اطر وخطط متكاملة للتوعية والاعلام الصحي تهدف إلى توعية وتثقيف المشاركين في التجمعات البشرية بالاجراءات الوقائية قبل وخلال وبعد حضور أي تجمعات بشرية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل تجمع من حيث الموقع، الاعداد، الثقافات والتوقيت. مع تنشيط دور المجتمع المدني في المشاركة في التوعية والتثقيف الصحي للمشاركين في الحشود البشرية. عدد من الوفود المشاركة وأكد المؤتمر على الطلب من منظمة الصحة العالمية تبني انشاء برنامج توعوي متخصص في صحة الحشود يتكفل برسم الخطط بحرفية عالية واستخدام التقنيات الاعلامية الحديثة والتنسيق مع الدول الاعضاء من أجل تنفيذها على أن يكون هناك متابعة علمية بحثية لنتائج هذه البرامج. وأكد المشاركون في المؤتمر على أهمية العمل على وضع اطار اكاديمي لتخصص صحة الحشود والتجمعات البشرية يشتمل على جميع الفئات التي لها دور في خدمة الحشود طبيا وصحيا وبيئيا واسناد مشروع هذه الدراسة إلى الهيئة السعودية للتخصصات الطبية في المملكة العربية السعودية بالتعاون مع وزارة الصحة. وبالإضافة إلى تشجيع الهيئات البحثية العلمية والجامعات والجهات الوطنية والدولية الممولة للبحوث بادراج بحوث طب الحشود والتجمعات البشرية ضمن البحوث ذات الأولوية للتمويل لديها. التوصية بإنشاء مرجعية دولية مختصة بالحشود والتجمعات البشرية يكون مقرها المملكة واتفق المشاركون أن يعقد الملتقى بشكل دوري كل سنتين وأن تقوم وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية بتنظيمه نظراً للخبرات المتراكمة التي اكتسبتها حكومة خادم الحرمين الشريفين في مجال خدمة الحشود وأن يتم ذلك بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية والهيئات الدولية ذات العلاقة الاكاديمية العلمية.وكان المؤتمر اختتم جلساته العلمية أمس بجلسة بعنوان (الصحة العامة للحشود البشرية) أدارتها الدكتورة ليوري نيكولي. وتحدث في بداية الجلسة الدكتور عبدالرزاق بوتشاما عن موضوع (ضربات الشمس بين الحشود) أوضح فيها أن ضربات الشمس تعتبر من الحالات الطبية الطارئة الخطيرة والشائعة أثناء الطقس الحار خاصة في مواسم الحج نتيجة التعرض المباشر أو غير المباشر لأشعة الشمس.وبين عبدالرزاق أن موسم الحج من المواسم التي يمكن أن تقاس عليها حالات الإصابة بضربات الشمس بشكل كبير خاصة وأنها مناسبة دينية تتم في منطقة مكشوفة والتعرض لأشعة الشمس خلالها يكون بصورة مباشرة وفترات طويلة. مطالبة منظمة الصحة العالمية بتبني برنامج توعوي متخصص في صحة الحشود وأبان أن الإحصاءات العالمية تظهر وفاة 48 ألف شخص سنويا حول العالم بضربات الشمس واغلب هذه الحالات لا يتم الإبلاغ عن الإصابة بها من قبل المصاب أو أسرته او تأخر نقل المصاب إلى مراكز الرعاية الصحية وافتقار بعض المراكز الصحية أو عدم قدرتها على التعامل مع مثل هذه الحالات وخاصة في الدول الفقيرة.وعرض عددا من النماذج والتقارير التي توضح الاحتياطات وتعامل الأجهزة المعنية بسلامة الحجاج في المملكة العربية السعودية مع الحشود البشرية الكبيرة وإيجاد الحلول لمشكلة ضربات الشمس بين هذه الحشود، وكانت الانطلاقة من العام 1996م من خلال جمع المعلومات والتنسيق في ذلك بين الجهات الرسمية والتعاون فيما بينها لرصد حالات ضربات الشمس وتقليل خطر الإصابة والتعرض لها من عام إلى آخر وهو ما أدى إلى انخفاض واضح وتقلص عدد حالات الإصابة بين الحجاج.بعد ذلك تحدث الدكتور روبرت ستيفن عن موضوع (الوفاة الجماعية بين الحشود البشرية) أشار فيها إلى ان الأمراض المعدية ليست هي السبب الأول في ارتفاع عدد الوفيات في العالم وخاصة بين الحشود الكبيرة بل ان هناك أسبابا أخرى ذكر منها الحروب والكوارث الطبيعية والإرهاب والبيئة التي يعيش فيها الإنسان.ودعم المتحدث قوله ببعض الفعاليات والمناسبات التي حدثت خلالها وفيات كبيرة بسبب التجمعات البشرية وآخر ما حصل في العاصمة الكينية نيروبي خلال إقامة مباراة لكرة القدم والتدافع الذي حصل خلالها والذي أدى لمقتل 13 متفرجا والمناسبة الأخرى كانت في ألمانيا خلال أحد المهرجانات وأدت الحادثة إلى وفاة 21 شخصا بسبب التزاحم.وتطرق الدكتور ستيفن إلى نوع آخر من أسباب الوفيات الجماعية وهو الأمراض المعدية والمزمنة غير المعدية والتي تزيد نسبة الإصابة والوفيات بها في الدول الأقل تقدما بسبب نقص التغذية وانتشار الأوبئة بسبب افتقارها للخدمات الصحية والرعاية الطبية على عكس أفراد الدول المتقدمة الذين يتمتع سكانها بتغذية ومستويات معيشة ورعاية صحية أفضل.