انطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادم    «الأونروا» : النهب يفاقم مأساة غزة مع اقتراب شبح المجاعة    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    م. الرميح رئيساً لبلدية الخرج    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    «الأنسنة» في تطوير الرياض رؤية حضارية    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    إطلالة على الزمن القديم    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    صرخة طفلة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    ترمب المنتصر الكبير    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "الموظف الصغير" احتفالاً بيوم الطفل العالمي    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأخير تنفيذ الأحكام القضائية ضد «الجهات الحكومية» .. يكفي فضائح!
نشر في الرياض يوم 24 - 10 - 2010

أشاد قانونيون ومختصون بتوضيح إمارة منطقة الرياض موقفها تجاه امتناع الجهات الحكومية تنفيذ الأحكام القضائية، وبهذا الرد وضعت الإمارة النقاط على الحروف، وأخلت مسؤوليتها في ذلك، مؤكدةً أنه يحق للمتضرر المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به جراء عدم سرعة تنفيذ الحكم، وكذلك التقدم بدعوى ضد المسؤول - الموظف الحكومي -الذي يمتنع عن تنفيذ الحكم القضائي.
والسؤال هنا: هل ستتجاوب هيئة الرقابة والتحقيق مع المواطنين؟، حيث إن الكثير منهم يملكون أحكاما مكتسبة القطعية ولكن لم تنفذ إلى الآن، ولا يعرفون أين يذهبون؟، بل إن كثيرا من الدوائر الحكومية تجاهر في رفضها لتنفيذ الأحكام القضائية منذ سنوات.
طلاب جامعة الإمام
بدأت فصولها منذ عام 1426 ه وشهدت أكثر من عشر جلسات تقدم الطلاب في دعوى قضائية ضد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ووزارة التربية والتعليم ووزارة الخدمة المدنية، وطالبوا بأن يتم تعيينهم ضمن معلمي اللغة الإنجليزية، إلا أن ذلك الطلب قوبل بالرفض، وأصدرت المحكمة الإدارية الأولى حكماً أولياً بإعادة الرسوم الدارسية لكل طالب،
بعد ذلك صدر الحكم النهائي غير القابل للنقض من دائرة التدقيق الأولى لصالح طلاب دبلوم اللغة الإنجليزية، بأن يتم إعادة الرسوم الدراسية إلى ألف وخمسمائة طالب، وتقدر بخمسة وعشرين ألف ريال لكل واحد، ليصل إجمالي المبلغ الذي ستدفعه الجامعة إلى سبعة وثلاثين مليوناً وخمسمائة ألف ريال.
وزارة الشؤون الإسلامية
رفضت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف تنفيذ الحكم النهائي الصادر من ديوان المظالم ضدها بتعويض إحدى الشركات مبلغ 1866427 ريالا بسبب فسخها للعقد مع شركة دون عذر شرعي، حيث يقول "علي القحطاني" وكيل الشركة: إنه بعد مداولات خمس سنوات في ديوان المظالم، وبعد أن أصبح الحكم نهائياً، ذهب إلى وزارة الشؤون الإسلامية قسم الاستثمار، وأفادوه أن الوزارة غير مقتنعة بهذا الحكم، وأنه جائر، مؤكداً أن له أكثر من عام وثلاثة أشهر وهو يتردد على وزارة الشؤون الإسلامية، يطالبهم بتنفيذ الحكم النهائي الصادر من ديوان المظالم، وإلى الآن لم يحصل على نتيجة أو تقدم، متسائلاً: لماذا نذهب إلى ديوان المظالم ونتعب حتى نحصل على حكم ثم لا ينفذ؟، مافائدة ديوان المظالم إذاً؟.
هناك دوائر تجاهر بالرفض منذ سنوات وتشعر أنها في مأمن من العقوبة
تحدي الأحكام
وقال "محمد الجذلاني" القاضي السابق في ديوان المظالم: إن ما تضمنه البيان الصادر عن إمارة منطقة الرياض يؤكد الوعي التام والإدراك المشكور لمشكلة ٍأصبحت مصدر ازعاج وقلق لدى المواطنين والمهتمين بالشأن الحقوقي، وهي ما بدأ يظهر ويتنامى من امتناع بعض الجهات الحكومية والوزارات عن تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية الصادرة ضدها، حتى وصل الحال ببعض المسؤولين إلى تحدي تلك الأحكام وطرد المحكوم له من مكاتبهم في أمن تام من أي مساءلة أو عقوبة قد يتعرض لها ذلك المسؤول، مضيفاً أن هذا البيان الواعي الشامل تضمن الإشارة إلى عدة آليات فاعلة في حال تم الأخذ بها فستكون بلاشك من أنجح الوسائل التي تكفل تنفيذ الجهات الحكومية للأحكام القضائية، لافتاً إلى أنه له وقفات مع ما تضمنه البيان منها: أن البيان أشار إلى أن إمارات المناطق ليست مختصة بتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية الصادرة ضد الجهات الحكومية، وهذا التوصيف الدقيق صحيح تماماً، لأنه ليس لدى إمارات المناطق أي آليات تتيح لها التنفيذ الجبري على الجهات الحكومية في حال امتناعها، ومثال ذلك: لو صدر حكم بإلغاء قرار فصل موظف من وظيفته وامتنعت الإدارة عن تنفيذ الحكم، فكيف يمكن لإمارة المنطقة أن تجبرها على تنفيذه؟، كما أن هذا التوصيف الوارد في البيان اشتمل على قيدين مهمين لما يخرج عن اختصاص الإمارة في التنفيذ هما (حكم قضائي إداري - وصادر ضد جهة حكومية)، وتأتي أهمية هذين القيدين لأنه يوجد بعض الأحكام القضائية التي تدخل ضمن أحكام القضاء الإداري، ومع ذلك فالجهة المختصة بتنفيذها هي الإمارة، وهي الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري بحق الأفراد وليست بحق الجهات الحكومية، ومثال ذلك: الأحكام الصادرة بتنفيذ الأحكام الأجنبية التي أناط النظام الجديد بديوان المظالم النظر والحكم فيها وهي أحكام في الأصل ليست إدارية، وكذلك الأحكام الصادرة من الدوائر الإدارية بتطبيق العقوبات الواردة في بعض الأنظمة ضد أفراد، مثل العقوبات الواردة في نظام العلامات التجارية ويحكم فيها القضاء الإداري.
الحكم الصادر ضد وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف
مسلك خطير
وأضاف هذا الأمر يعطي دلالة ًعلى أنه من الواجب مراجعة نظام ديوان المظالم الجديد، وإصلاح ما تضمنه من خلل يتمثل في اختصاص القضاء الإداري، بالنظر في دعاوى ليست إدارية، بل هي من صلب القضاء العام سواء القضاء الجزائي أو التجاري أو الأحوال الشخصية، ومع ذلك ينظر القاضي الإداري فيها، وهذا خطأ جسيم يستحق المراجعة والتصحيح، مبيناً أن الوقفة الثانية له مع البيان هي ما تضمنه من أن تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية يعتبر بالدرجة الأولى مسؤولية الجهة التي صدر الحكم في مواجهتها، ويُسأل عنه رئيس تلك الجهة أو مديرها أو وزيرها وهذا صحيح ٌ تماماً، ويؤكد لنا أن استمرار تحدي بعض المسؤولين للأحكام القضائية الصادرة بحق وزاراتهم أو إداراتهم يعد مسلكاً خطيراً وخللاً في العدالة، يستوجب الوقوف أمامه بحزم، وذلك عبر تجريم مثل هذه الأفعال وإدراجها ضمن الجرائم والمخالفات المستوجبة للمساءلة والعقوبة والتأديب، سواء مساءلة جنائية أو تأديبية مسلكية، مطالباً بإيجاد آليات دقيقة وفاعلة تكفل تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية، وموضحاً أن البيان وُفق حين أكد على مسؤولية هيئة الرقابة والتحقيق عن متابعة وكشف مثل هذه المخالفات الإدارية التي تقع في صميم اختصاصاتها، وأنه يجب أن يكون للهيئة دور فاعل في وقف مثل هذه التجاوزات والتحقيق فيها والإدعاء على مرتكبها بطلب معاقبته، لأن وقوف أي موظف في وجه تنفيذ حكم قضائي يعتبر مخالفة ًمسلكية وجريمة من الجرائم الإدارية، مشيراً إلى أن هيئة الرقابة من أكفأ الأجهزة الحكومية الرقابية، التي لها دور ٌ مشهود ومشكور وظاهر في الإصلاح الإداري والرقابة على حسن تطبيق الأنظمة، إلا أنها تحتاج إلى الدعم والمؤازرة بشكل أكبر لتمكينها من القيام بدورها على خير وجه، خاصة في موضوع تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية، لأن الإشكال قد يكون أكبر من طاقة الهيئة وإمكاناتها الحالية.
توضيح رئيس المجلس الأعلى للقضاء حول تنفيذ الأحكام القضائية ضد الجهات الحكومية
ثقافة التعويض
وأوضح "الجذلاني" أن من الآليات التي سيكون لها أثر ٌفاعل في ضمان تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية، أن يكون هذا الموضوع من بين المعايير التي يتم بموجبها تقييم الوزراء والمسؤولين، وقياس مدى كفايتهم وصلاحيتهم للوظيفة، بحيث يعتبر عدم تنفيذ الأحكام القضائية نقطة سلبية لها اعتبارها في تقييم الوزير أو المسؤول، مضيفاً أن تنامي ظاهرة عدم تنفيذ الأحكام القضائية يدعو إلى تفعيل نظام محاكمة ومساءلة الوزراء، بحيث يتم محاكمة ومساءلة الوزير الذي يتمنع عن تنفيذ حكم قضائي صادر ضد وزارته، مؤكداً أن ما أشار إليه بيان الإمارة من أحقية المتضرر من عدم تنفيذ الحكم القضائي الصادر لصالحه ضد جهة حكومية، أن يتقدم بدعوى تعويض ضد تلك الجهة أمام ديوان المظالم، يكرس أهمية ديوان المظالم ودوره الرائد في الرقابة على أعمال الجهات الحكومية، وأنه إذا ما تم تفعيل دعاوى التعويض وتطورت آليات قياس التعويض، التي لا تعتبر بحالتها الراهنة كافية ولا مؤدية للغرض منها وضعيفة جداً وتقليدية، مما يجعل الكثير من المتضررين لا يكون لديهم الدافع للمطالبة بالتعويض، لعلمهم بالقصور الشديد في النظرة إلى ثقافة التعويض، التي في كثير من الأحيان لا تقيم وزناً لحريات الناس وكراماتهم وما يصيبهم من أضرار معنوية وأدبية ونفسية، تفوق كثيراً الأضرار المادية المحدودة، لافتاً إلى أنه في حال تطورت ونهضت ثقافة التعويض وارتكزت على أسس عادلة تحترم حقوق الإنسان وكرامته، فإن ذلك بلا شك يعتبر من أهم وسائل حفظ الحقوق وضمان الحريات ووقف كل انتقاص أو استهتار بها.
محمد الجذلاني
تحقيق العدالة
وقال "محمد السنيدي" المحامي: إن ما نقل عن رئيس ديوان المظالم، هو أن الديوان لا يملك سلطة على الأجهزة الحكومية لتنفيذ الأحكام الصادرة منه ضدها، كونه جهة قضائية فقط، ولكن إذا تمعنا فيما نقل لإجابة رئيس ديوان المظالم نجده لم يكن دقيقاً في النقل، فقد جاء السؤال الموجه للرئيس: ماذا عن عدم تطبيق الأجهزة الحكومية الأحكام القضائية الصادرة من الديوان؟، وهل لكم سلطة عليها؟، وفي حال امتناع هذه الأجهزة من تطبيق الأحكام لمن يتوجه المتضرر؟، فكانت إجابة رئيس ديوان المظالم: "تنص المادة الخمسون من النظام الأساسي للحكم على أن: الملك أو من ينيبه معنيون بتنفيذ الأحكام القضائية، وهي مهمة جليلة اختص بها خادم الحرمين الشريفين ونوابه - حفظهم الله -، أما القضاء فغايته تحقيق العدالة ورد الحقوق من خلال ما يصدره من قرارات وأحكام، ومقتضيات الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية وجوب تنفيذ الأحكام القضائية واحترامها وإنفاذ موجبها، حفظاً لما يوجبه الشرع والنظام، ودور الديوان يتمثل في إصدار الحكم القضائي النهائي، ولا سلطة له في التنفيذ"، مبيناً "السنيدي" أن رئيس الديوان أوضح أن الديوان جهة قضائية وليس له علاقة بمسألة التنفيذ، وهذا عين الصواب في لغة القانون، الذي يحدد الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية، أما ما صدر من إمارة منطقة الرياض من أن الإمارة ليست معنية بتنفيذ الأحكام ضد الجهات الحكومية، فصحيح في مجمله فيما يخص تنفيذ كافة الأحكام القضائية كافة باستثناء الأحكام الإدارية، مؤكداً أنه عندما نبحث الأمر من الناحية النظامية والواقعية، نجد أنه باستثناء الأنظمة التي تحكم علاقات الأفراد بعضهم ببعض، وتلك التي تحكم علاقات الأفراد بالسلطات العامة في الدولة، لم نجد من بينها نظاماً مستقلاً وجامعاً مانعاً يحدد الجرائم الجزائية، وكذلك أركان كل جريمة والعقوبات المقررة على مرتكبها، وغير ذلك من المسائل المتفرعة عن هذا الموضوع كأحوال الاشتراك في الجريمة، سواء بالتحريض أو الإتفاق أو المساعدة، وأركان الشروع في ارتكاب الجريمة وأحوال الإعفاء من العقوبة كالدفاع الشرعي وغيرها، مما تواترت عليه القوانين في الدول العربية تحت مسمى قانون العقوبات، مشيراً إلى أن كل ما صدر من الملك في هذا الصدد لا يعدو كونه بعضاً من الأنظمة الخاصة بشأن بعض الوقائع الخاصة، فضلاً عن نظام الإجراءات وهو نظام اجرائي خاص بسير المحاكمات الجزائية، ولم يتضمن أحكاماً موضوعية على نحو ما تضمنته قوانين العقوبات بالدول الأخرى.
محمد السنيدي
إقامة الدعوى
وأضاف أن ذلك لا يشكل فراغاً نظامياً في المملكة في نطاق الجرائم الجزائية، حيث الباب الواسع في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحيث باب الحدود والتعازير مفتوح على مصراعيه، ومن هذا الباب الواسع يكون للقاضي سلطة التأثيم والتجريم والعقاب، سواء بالحدود أو التعازير في آن واحد، فالقاضي هنا يقوم بدور المنظم في التأثيم - التجريم -، وبدور الحاكم في توقيع الجزاء، مبيناً أن من الأبواب الواسعة التي يمكن النفاذ منها لتجريم الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية، يبرز أمامنا قوله تعالى: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، ذاكراً أن الحكم القضائي هو نوع من الولاية التي أعطاها ولي الأمر إلى القضاء، وبالتالي فإن الامتناع عن تنفيذه يعتبر مخالفة جزائية، تتمثل في عصيان أوامر ولي الأمر، وهو ما يصلح أن يكون محلاً لدعوى جزائية تقام ضد الموظف الممتنع عن تنفيذ الحكم أياً كان منصبه، ويكون عقابه في حالة ثبوت هذه المخالفة التعزير المنوط بسلطة القاضي، لافتاً إلى أنه يمكن القياس على ذلك بتطبيق ما ورد في المرسوم الملكي الكريم رقم 43 وتاريخ 29/11/1377ه، والذي نص في مادته الثانية على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات، وبغرامة لا تزيد عن عشرين ألف ريال كل موظف ثبت ارتكابه لاحدى الجرائم الآتية، وكذلك كل من اشترك أو تواطأ معه على ارتكابها سواء كانوا موظفين أو غير موظفين، مؤكداً أن الفقرة (5) تعالج امتناع الموظفين عن تنفيذ الحكم الصادر ضد الجهة التي يعمل بها، ومنها استغلال نفوذ الوظيفة لمصلحة شخصية في داخل الدائرة أو خارجها، أو التحكم في أفراد الرعية، أو سوء الاستعمال الإداري كالعبث بالأنظمة والأوامر والتعليمات، وبطرق تنفيذها امتناعاً أو تأخيراً ينشأ عنه ضرر خاص أو عام، ويدخل ضمن ذلك تعمد تفسير النظم والأوامر والتعليمات على غير وجهها الصحيح، أو غير موضعها بقصد الإضرار بمصلحة حكومية لقاء مصلحة شخصية، أو استغلال النفوذ أياً كان نوعه في تفسير الأوامر وتنفيذها لمصلحة شخصية عن طريق مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى استغلال العقود بما في ذلك عقود المزايدات والمناقصات عن طريق مباشر أو غير مباشر لمصلحة شخصية، إلى جانب استغلال جهود الأفراد والموظفين بأجور ورواتب صورية أو مفتعلة لفائدة شخصية بعضاً أو كلاً، مشيراً إلى أنه في المادة الثالثة: "فضلاً عن العقوبات المذكورة في المادة السابقة يحكم على من يثبت إدانته بالتعويض المناسب لمن أصابه ضرر، برد المبالغ التي أخذت بغير وجه شرعي إلى أربابها، ذاكراً أنه من حق من حكم له بحكم ضد أي جهة من جهات الإدارة، أن يتقدم بطلب تنفيذه وإذا امتنعت الجهة عن التنفيذ فله إقامة دعوى على الموظف المختص بالتنفيذ، وهو من أعطاه النظام الصلاحية في تنفيذ الأوامر والأنظمة والتعليمات، وتقاس تلك الأحكام القضائية بتحريكها عن طريق هيئة الرقابة والتحقيق والتي تعتبر محل احترام السلطة التنفيذية.
حسان السيف
غياب المواد القانونية
ويرى المحامي "حسان السيف" أن كثيراً من مشكلات تنفيذ الأحكام القضائية قد حلت بعد أن تم تعيين قضاة مختصين بتنفيذ الأحكام القضائية في المحاكم العامة، وخولوا صلاحيات واسعة لإجبار المحكوم عليهم على تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضدهم أو حتى بالتنفيذ الجبري على أموالهم، ولكن سلطة قضاة التنفيذ لا تمتد إلى تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الجهات الحكومية، ويبدو أن المنظم قد بنى ذلك على افتراض أنه لا يتصور امتناع الجهات الحكومية عن تنفيذ تلك الأحكام، متأسفاً أن الواقع أصبح خلاف ذلك، خاصةً في ظل غياب مواد قانونية تضع آلية محددة لتنفيذ الأحكام الإدارية، مقترحاً أن يتم تعيين قضاة تنفيذ يختصون بمتابعة تنفيذ الأحكام الإدارية تحت مظلة ديوان المظالم، أو أن يخول قضاة التنفيذ في القضاء العام هذا الاختصاص، ولا بد أيضاً من سن آلية نظامية توضح الإجراءات التي يتخذها المحكوم له عند امتناع الجهة الحكومية عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، خاصةً أن نظام تنفيذ الأحكام القضائية يُدرس في الوقت الراهن أمام مجلس الشورى، فيمكن أن تضاف مواد تتعلق بآلية تنفيذ الأحكام الإدارية ضمن ذلك النظام الذي طال انتظاره، وحول تعقيب إمارة منطقة الرياض أشار "السيف" إلى أنها وضعت أمام المحكوم ثلاثة مسارات للضغظ على الجهة الحكومية وحثها على التنفيذ، ومن أهمها تفعيل دور هيئة الرقابة والتحقيق في هذا الجانب، لممارسة اختصاصاتها في رفع الدعاوى على المسؤولين عن تأخر تنفيذ تلك الأحكام القضائية، مشدداً على أهمية تفعيل العقوبات الجزائية الناشئة عن الحق العام في القضايا الإدارية، التي يثبت تحمل الموظفين في تلك الجهة جزءاً من المسؤولية عنها، وهو الذي يؤدي إلى تكبيد خزينة الدولة ملايين الريالات بسبب تقصير أولئك الموظفين أو تعديهم الصلاحيات الممنوحة لهم، إذ إن الموظف إذا علم أنه سيلقى الجزاء الرادع فإنه سيفكر ملياً قبل ارتكاب أي تصرف مخالف للأنظمة، وهو الأمر الذي سيسهم في الحد من تلك الأخطاء.
تعطل المشاريع التنموية
وأضاف يجب أن تندرج هذه العقوبة ضمن الإجراءات الوقائية التي ستكون سبباً في حماية أموال الدولة، من تلاعب بعض الموظفين الذين لا تتم محاسبتهم عن تلك التصرفات اللامسؤولة، التي يعود ضررها على الجهة الإدارية ويغفل فيها عن المتسبب بذلك الضرر، مبيناً أن الإمارة أكدت على أحقية المحكوم له في الرفع بتظلمه للمقام السامي في حال عدم تنفيذ ما صدر له، وهذا في الواقع أمر قد أسسه النظام الأساسي للحكم في مادته الخمسين، والتي نصت على أن الملك أو من ينيبه معنيون بتنفيذ الأحكام القضائية، ولا شك أن امتناع الجهات الحكومية عن تنفيذ تلك الأحكام يتعارض مع مقتضى هذه المادة، ذاكراً أن امتناع الجهات الحكومية عن تنفيذ تلك الأحكام سيكون سبباً في تحميل خزينة الدولة خسائر أخرى إضافة إلى ما هو مقرر في منطوق الأحكام الصادرة ضدها، وهو ما أشارت إليه الإمارة بأنه يحق للمحكوم له رفع دعوى أمام إحدى المحاكم الإدارية المختصة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به جراء امتناع تلك الجهة عن تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضدها، متأسفاً أن المحكوم له سيبقى يدور في حلقة مفرغة من رفع الدعاوى ومتابعة القضايا، في ظل مماطلة الجهة الحكومية عن تنفيذ الحكم القضائي، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة إذا تفاقمت ستؤدي إلى إضعاف مكانة القضاء في نفوس الناس، لأنه لا قيمة لقضاء لا نفاذ لأحكامه، كما أن هذه الظاهرة ستؤدي إلى تردد رجال الأعمال والشركات التجارية في الدخول في المناقصات الحكومية، بسبب خوفهم من تنصل تلك الجهات عن أداء التزاماتها، وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحقها، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تعطل المشروعات التنموية للدولة، بل وسيؤثر بشكل كبير على نمو الاقتصاد الوطني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.