يحاول الهلال وهو يواجه اليوم غريمه النصر في (دربي الرياض) ضمن مباريات الجولة العاشرة لدوري زين للمحترفين معالجة جراحه النازفة كشلال متدفق بعد ان مني بالخسارة الموجعة من نظيره الإيراني ذوب آهن في مواجهتهما الأخيرة في إياب نصف نهائي دوري أبطال آسيا التي احتضنها استاد الملك فهد الدولي في العاصمة الرياض وانتهت نتيجتها بهدف نظيف كان كافياً لقذف أحلام الهلاليين خارج أسوار البطولة القارية الكبرى. وليس معلوماً حتى اللحظة إن كان من صالح الهلاليين أن تأتي هذه المواجهة الصعبة فنياً ونفسياً في هذا التوقيت الذي يعقب المباراة السيئة الذكر بأربعة أيام فقط، أو في غير صالحهم؛ لأن ذلك تحدده نتيجة المباراة، ففوز الهلال –لاشك- سيعيد له شيئاً من توزانه المفقود، أما الخسارة إن حدثت فإنها من الطبيعي أن تضاعف مرارة الألم في حلوق أبناء ( البيت الأزرق ). الجرح مازال طرياً الهلال أو (الزعيم) الجريح سيكون في مواجهته اليوم للنصر الذي يسميه عشاقه ب (فارس نجد) أمام احتمالين لا ثالث لهما، فإما أن يفوز ويضمد بهذا الفوز جراحه الغائرة التي خلفتها الخسارة الكبرى في الاستحقاق الآسيوي، أو يخسر فيعمق بذلك من الجرح ويزيد من نزفه، بل إن الخسارة من النصر وهو الغريم التقليدي سيكون أشبه بسكب الملح على الجرح النازف والذي مازال طرياً إذ لم تتخثر الدماء حوله، ويبقى احتمال انتهاء المباراة بالتعادل، والتي ستكون أشبه باتفاق ضمني على ألا غالب ولا مغلوب بينهما، هذا من حيث الظاهر؛ لكن بحسب الواقع على الأرض فسيكون التعادل أشبه بالخسارة للهلال الذي لن تقبل جماهيره بهذه النتيجة؛ خصوصاً وهي تسعى لتناسي الخسارة من ذوب آهن؛ حيث يصعب النسيان. على الأقل في هذه الأثناء، ولن يكون ذلك إلا عبر تحقيق الفوز على النصر، وليس ثمة أفضل فريق أفضل من النصر لإحداث ذلك. فضلاً عن أن الفوارق الفنية الكبيرة بين الفريقين، والتي تصب في ميزان الهلال. إن على مستوى العناصر كأفراد، أو على مستوى المجموعة كفريق. هذا بخلاف طموح الفريقين في البطولة، ففي حين تبدو عودة النصر للمنافسة على اللقب صعبة إن لم تكن مستحيلة، فإن الهلال يبقى هو صاحب الحظوظ الأوفر في تحقيق اللقب والاحتفاظ به؛ خصوصاً بعد العثرتين اللتين حدثتا لمنافسه الأول على اللقب فريق الاتحاد، وذلك عبر تعادليه الأخيرين مع الوحدة والفتح. حلول للأزمة وبعيداً عن نظرة جماهير الهلال لهذه المواجهة، فإن الإدارة الهلالية نفسها تنظر من وراء تحقيق الفوز فيها، إلى ما هو أبعد من إضافة ثلاث نقاط ثمينة في حساب الفريق في بنك الدوري، فالفوز إن تحقق فسيكون بالنسبة لها بمثابة خرق كبير في جدار الأزمة التي خلفتها الخسارة والخروج من دوري الأبطال؛ خصوصاً وأن ذلك قد أحدث ما يشبه الزلزال في (البيت الهلالي)، فبالإضافة إلى ما أحدثته الخسارة من صدمة، فإن ارتداداتها بلغت حد إعلان رئيس النادي الأمير عبدالرحمن بن مساعد لاستقالته، وإن كان القرار مع وقف التنفيذ، ولذلك فإن الفوز على الغريم النصراوي سيكون بمثابة عربون ود جديد بين الإدارة الهلالية وجماهير النادي، وإن كان الود مازال باقياً وهو ما أظهرته ردود الأفعال على قرار الاستقالة، حيث أبدى أنصار الهلال رفضهم القاطع لها، إذ اعتبروا رحيل الأمير عبدالرحمن بن مساعد خسارة لا تقل عن خسارة اللقب الآسيوي والتأهل لمونديال الأندية؛ ولعل نظرة المسؤولين عن القرار الإداري في الفريق الأزرق تجاه المباراة قد ظهرت بوضوح من خلال التصريحات التلفزيونية التي أطلقها مدير الفريق وعضو مجلس الإدارة سامي الجابر الذي أبدى اهتماما لافتا بالمباراة، وذلك في تصريحاته التي أعقبت الخسارة من ذوب آهن بسويعات، إذ أكد على أن لمواجهة النصر اعتبارات كثيرة، وإن ركز على الجانب النقطي حيث أشار بأن الفوز فيها سيزيد رصيد الفريق إلى النقطة 18 وستقلص المسافة بينه وبين المتصدر الاتحاد صاحب 22 نقطة، خصوصا وأن الفارق بينهما ثلاث مباريات حيث تسجل في رصيد المباريات المؤجلة للفريق الهلالي. وكان الجابر قد قال في تصريحاته تلك بأن الحديث عن أهمية مواجهة النصر لا تأتي كإبر مهدئة لجماهير ناديه لامتصاص غضبهم؛ وإنما هي حقيقة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه.. هل سيبقى حبال الود مشدوداً بين الطرفين في حال حدثت الخسارة من النصر أم أنه ستنقطع أو على الأقل سترتخي؟!. جواب السؤال تقرره أحداث المباراة ونتيجتها، فظاهريا تبدو العلاقة بين جماهير الهلال والإدارة أقوى من أن تهزها أي رياح مهما بلغت قوتها، وهو ما أظهرته الخسارة من ذوب آهن؛ لكن هل تبقى جدران العلاقة عصية على الاهتزاز حتى مع الخسارة من النصر، هذا أمر يبدو صعباً جداً. اللاعبون والمسؤولية المضاعفة مواجهة اليوم تأتي ثقيلة على جميع الهلاليين، وهي أكثر ثقلاً على اللاعبين، الذين حُمِّلوا أكثر من غيرهم مسؤولية الخسارة الماضية، وطبيعي أن تنعكس أحداث الأربعاء الأسود على نفسياتهم، ومن ثم على أدائهم، ولعل ذلك ما التفت إليه سامي الجابر في حديثه التلفزيوني، الذي وبالرغم من تأكيده من أن اللاعبين لم يقدموا مستواهم المعروف في مباراة ذوب آهن ما كان سبباً في الخسارة والخروج المخيب؛ لكنه في الوقت نفسه أكد على أن هؤلاء اللاعبين أنفسهم كانوا وسيبقون جالبي الفرح في «البيت الهلالي». في محاولة واضحة لإعادة ترميم نفسيات اللاعبين المحطمة من الخسارة التي خرجوا بها في الاستحقاق الآسيوي. وداعية غيريتس وفي وقت يدخل اللاعبون وقبلهم الإدارة في اختبار صعب، فإن مدرب الفريق البلجيكي إيريك غيريتس سيكون هو الآخر في موقف لا يحسد عليه ، فهذا المدرب الذي ملأ الدنيا وشغل الناس منذ أن حطت قدماه الأراضي السعودية، أصبح اليوم في موقف لا يحسد عليه، إذ بات على المحك، فخسارة الفريق للبطولة الآسيوية على يديه وفي هكذا ظروف ستزيد من عبء المسؤولية عليه، وهو ما يدركه جيداً، فبعد ان اتضحت الصورة حيال مصيره مع الهلال، وذلك بعد ان أفرج الامير عبدالرحمن بن مساعد عن الحقيقة، حينما ذكر بأن المدرب راحل إلى تدريب المنتخب المغربي منتصف الشهر نوفمبر المقبل، فإنه سيكون مطالباً بتحسين صورته التي اهتزت كثيراً منذ توقيع عقده مع الاتحاد المغربي لكرة القدم، وزادت اهتزازاً بالخروج المذل في البطولة الآسيوية، وهو بذلك سيسعى لمصالحة جماهير (الزعيم) التي أحبها وأحبته، ولن تحرر ورقة المصالحة إلا عبر ورقة الفوز على النصر، وإلا فإن العلاقة ستتأزم أكثر حتى يغادر الرياض.