بعد شهر من الآن ستكون قارتنا الصفراء على موعد مع الافتتاح الرسمي لأكبر تظاهرة رياضية تشهدها القارة والتي تتمثل في انطلاق دورة الألعاب الآسيوية التي ستستضيفها مدينة كوانزو الصينية في الثاني عشر من نوفمبر المقبل، وقبل هذا الموعد ببضع أيام ستكون البطولة قد بدأت ببعض المنافسات ما يعني –فعلياً- أن ما يفصلنا عن الدورة أقل من شهر. هذا الحدث استنفرت له القارة الآسيوية عن بكرة أبيها، ولعل من يتابع الأخبار التي تبثها وكالات أنباء الدول الآسيوية، لاسيما العربية منها سيدرك حقيقة الأمر، بل إن الصحف في تلك الدول أعطت ومنذ وقت مبكر اهتماما لافتاً بهذا الحدث، ولازالت تعطي مساحة يومية لاستعدادات منتخباتها، ومدى طموحاتها، في حين لازال إعلامنا بدءا من وكالتنا (واس) مرورا بصحفنا، وقنواتنا الفضائية يغط في سبات عميق، وكأن الأمر لا يعنيه. شخصيا، قد أجد شيئا من العذر للإعلام السعودي في عدم تفاعله مع الحدث، والسبب يعود لحالة الاسترخاء التي تصل لحد التبلد لدى معظم الاتحادات المشاركة في (الأسياد)، والتي لم تظهر لنا أي اهتمام ملحوظ بالحدث المرتقب، فلا أخبار صادرة عن لجانها الإعلامية تعنى بالدورة، ولا حضور يذكر لمسؤوليها في واجهة الأحداث، بل ولا حتى مجرد تطمينات بوصول الاستعدادات إلى مرحلة متقدمة من الجهوزية للمشاركة في الدورة، رغم أن جميعها حالياً منشغلة بالتحضيرات، وهو ما يجعلني أبرر ذلك بأمرين لا ثالث لهما، فإما أن مسؤولي تلك الاتحادات نائمون في العسل، أو أن فرائصهم باتت ترتعش خشية الفشل. ولعلي أرجح خياري الثاني؛ خصوصاً بعدما وقفت على تصريح الأمير نواف بن فيصل في مؤتمره الصحفي الأخير، والذي أكد فيه عدم القبول بأي عذر من الاتحادات عند الفشل في تحقيق المؤمل منها، رافضاً في الوقت نفسه شكواها من ضعف الاعتمادات المالية، إذ أكد بأن فتح الباب أمامها لإيجاد مصادر تمويل ذاتية لها يلغي أي حجج من هذا النوع. ومما يزيد من ترجيحي لهذا الخيار أكثر أن الرقابة على الاتحادات أصبحت فعلية هذه المرة بعد التعاقد مع الخبير الأمريكي ستيف روش المعني بتقييم عمل الاتحادات في الدورة فنياً، وهو ما سيلغي أية تبريرات جوفاء من القائمين على الاتحادات، وهو ما تعودناه منهم في سنوات خلت. ولا أجد نفسي متطيرا حين أقول بأنني لست متفائلا بالمشاركة السعودية في هذه الدورة التي يفترض أنها (بروفة) قوية لأولمبياد لندن 2012، ففيما عدا الفروسية التي شرفتنا مؤخرا في بطولة العالم التي استضافتها ولاية كنتاكي الأمريكية، والتي بتنا نعول عليها في كل استحقاق مهما كان حجمه، فإن بقية الألعاب لا تبدو لي قادرة على تطويق أعناقنا بأي لون من ألوان الميداليات، حتى ألعاب القوى التي كانت رهاننا في مثل هذه الاستحقاقات، ها نحن نعيش الوجل معها؛ خصوصا بعد التصريحات الأخيرة لسعد شداد الذي زرع الخوف في قلوبنا على (أم الألعاب). لقد قلت سابقاً بأن شداد قد علق الجرس في حديثه عن واقع ألعاب القوى، ويكفيه جرأة أنه أول من انتقد برنامج (الصقر الأولمبي)؛ لكن أين بقية مسؤولي الألعاب الأخرى هل تراهم سيتحدثون قبل الحدث، أم علينا انتظارهم حتى يعودوا من (كوانزو) بخفي حنين لا سمح الله!.