السوق الوحيد الذي لم تنخفض أسهمه ولم تتأثر استثماراته بأزمة أسواق المال العالمية هو السوق السعودي للاستقدام فإيراداته المالية في تنامٍ بسبب التزايد السنوي على الاستقدام، هذا السوق الذي لم تْجد معه أنظمة الحد من استخراج الفيز أو ارتفاع تكاليف الاستقدام بدليل زيادة مليون عامل أجنبي كل خمس سنوات، وأكاد (أتخيل) بأنه سيأتي يوم نسمع فيه عن (وزارة العمالة الوافدة) ولا أخفيكم إن اتسع خيالي أكثر في أن الشخص الذي سوف يتربع على هرم الوزارة سيكون أول سائق أجنبي تم استقدامه ليكون شاهداً على ( أهمية هذه المهنة) في مجتمعنا بسبب أننا الوحيدون في العالم الذين نحتكر استقدام مهنة السائق المنزلي فالسائق الذي يصل إلينا (ما بيرجعش) لبلاده بسبب انتشار ظاهرة هروب العمالة والانفلات المالي لسقف رواتب السائقين الذي وصل إلى 2800 ريال، بينما راتب حارس الأمن السعودي في شركات الحراسة يقف عند حاجز 1800 ، هذا الاستقدام المتزايد نتج عنه وجود 700 ألف سائق أجنبي بسبع جنسيات مختلفة يخدمون ستة ملايين أسرة سعودية، بالإضافة إلى 300 ألف سائق يمارسون المهنة في القطاع الخاص من خلال مؤسسات (الليموزين، الحافلات المدرسية، الحج والعمرة ) والبعض الآخر يمارسون مهنة سائق وهم مستقدَمون على مهن أخرى ليصل الرقم إلى مليون سائق من معدل 8 ملايين أجنبي يعملون في المملكة.. لذا لابد من إعادة صياغة أنظمة الاستقدام من جديد بعدما تفاقمت مشاكل العمالة المنزلية وأصبحت تشكل الضغط على الأسر في تنفيذ طلباتها إما بزيادة الرواتب، أو إجبار كفلائهم على تسفيرهم قبل إكمال مدة العقد. بعض الدول الخليجية تحركت لمعالجة مشاكل الاستقدام في بلدانها بهدف خفض تكلفة الاستقدام على الكفيل وضمان حفظ حقوق كلّ من الطرفين وبدأت في تطبيق إلغاء نظام الكفيل ، فلماذا لا نبدأ أيضاً في التحرك والبحث عن حلول بما يتناسب مع احتياجاتنا وذلك عبر هيئة حكومية متخصصة للاستقدام تابعة لوزارة العمل ولها علاقة مباشرة بالجوازات اختصاصها تنظيم سوق العمالة ومن مهامها حصر الاستقدام السنوي للعمالة وتقليص حجم المهن المتاحة والتأكد من سفر العمالة والقضاء على تسربهم من كفلائهم وحفظ حقوق الطرفين عن طريق العقود الصادرة من الهيئة، وإعادة هيكلة البنية العمالية التي يحتاجها سوق العمالة المنزلية؟!