تعد شجرة التبلدي التي توجد في غرب السودان - خاصة في اقليم كردفان - أضخم الأشجار وأطولها فى العالم وقد يصل ارتفاعها إلى 25 - 30 متراً ويصل قطر جذعها إلى 11 متراً وتعمر هذه الشجرة ألف عام. والتبلدي طبقا لوصف علماء النبات شجرة عارية من الأوراق لمدة تسعة أشهر في السنة وتبدأ الأوراق في الظهور عند بداية الخريف. الجذع مفرغ من الداخل وقد يسع نحو 45 شخصاً، لذا استخدمه رجال المخابرات والأمن في أستراليا سجونا للمعتقلين، طبقا لمصادر غير رسمية. لكن الأهالى فى غرب السودان يستخدمون جزع التبلدي كمخزن لتجميع مياه الأمطار ويسع نحو 25 ألف لتر ماء يستخدمها السكان خلال فترة الجفاف التي تمتد إلى أكثر من خمسة أشهر. وتجويفها متفاوت السعة التخزينية من 40 إلى 100 برميل للشجرة الواحدة. والتبلدية شجرة ضخمة الحجم ولها شبكة هائلة من الجذور التي تمتد إلى أعماق سحيقة وتحتاج إلى تربة خفيفة بمميزات خاصة إضافة إلى توافر جو منطقة السافانا الغنية، ولذلك فانتشارها محدود بمناطق محددة في السودان ومدغشقر وجزء من الهند، وأستراليا. لكنها وبخلاف البلاد الأخرى تنتشر بصورة طبيعية فى السودان دون تدخل الإنسان. ولجأت قبائل عربية بدار حمر المعروفة بتربية الإبل والضأن في كردفان والتي لا تملك مصادر كافية للمياه، إلى تخزين مياه الأمطار التي تهطل في فصل الخريف في تجاويف جذوع أشجار التبلدي التي يزيد عمر الواحدة منها على 200 عام. وتستخدم ثمار التبلدي كعصائر بلدية باسم القنقليز وفي علاج بعض الأمراض الباطنية بجانب استخدام الأوراق في بداية فصل الخريف للأكل اعتقادا بمعالجتها بعض الأمراض الأخرى. ويقول الشيخ مراد محمد إيدام أحد ملاك إحدى الأشجار التي أطلق عليها اسم "الغبشة" إنه لا أحد من الأجيال الموجودة يعلم كيف أجريت عملية التجويف وكم أخذت من الوقت، لكن هناك من يعرف كيف تجرى عملية توسعة مدخل التجويف حتى تسهل عملية إدخال الدلو وسحبه أثناء التفريغ. وأضاف الشيخ مراد ان هذه الشجرة يتوارثها الناس أبا عن جد وتؤول أحقية إدارتها لمن يقوم برعايتها وتهذيبها وتنظيفها من الداخل بجانب تنظيف الأرض من تحتها. وذكر أنه بعد هطول الأمطار تتجمع المياه من جهات مختلفة تحت شجرة التبلدي التي لا تنبت إلا في مناطق منخفضة عن المناطق الأخرى من حولها، مشيرا إلى أن امتلاء حوض الشجرة يدفع بعض ملاكها إلى التعاون في عملية التعبئة عبر دلو من الجلد أو من أحد المصنوعات الأخرى من البلاستيك. من جانبه يؤكد الحاج جمعة إسماعيل أن هناك من يتفاءل بهذه الشجرة، بل إنها اتخذت شعارا ورمزا لكردفان. ويشير الحاج إسماعيل إلى أن المياه عندما تعبأ داخل جوف الشجرة تكون ممزوجة بالطين وأكثر كدرا من غيرها، وبعد أيام قلائل تصبح صافية ونقية بدون أي رائحة أو لون، كما أن الأشجار المجوفة تسقط أوراقها عقب توقف فصل الخريف، فيما تواصل الأشجار غير المجوفة اخضرارها طوال فترة الشتاء، الأمر الذي يرجعه سكان المنطقة إلى سر غريب.