تقول كاثرين اشتون وزير خارجية الوحدة الأوروبية: إنني أعبر عن التزام الوحدة الأوربية المكونة من 27 دولة.. باستمرار مفاوضات السلام التي تؤدي إلى قيام دولتين. تقر القيادة الفلسطينية «لا مفاوضات في ظل استمرار الاستيطان»، وجاء هذا القرار بعد أن أخفقت الإدارة الأمريكية في إقناع الحكومة الإسرائيلية تمديد تجميد الاستيطان الإسرائيلي في الأراض الفلسطينيةالمحتلة، واستنكرت تل أبيب موقف واشنطن الذي أعلن عن تطمينات للجانب الفلسطيني، في ظل مساومة تدور حول استعدادها لمنح الحكومة الإسرائيلية الكثير من المساعدات، في حالة قبولها بتمديد تجميد الاستيطان اليهودي لفترة ستين يوماً. إن المطالبة بتمديد تجميد الاستيطان في حد ذاته وقصره على ستين يوماً فيه كثير من التطاول الأمريكي على الحقوق الفلسطينية، لأن المفروض أن يتم الإتفاق على إلغاء الاستيطان الإسرائيلي، ليس فقط بمنع الاستمرار فيه، وإنما أيضاً بهدم كل المستوطنات التي شيدت على الأرض الفلسطينيةالمحتلة، لأن الاستعمار الاستيطاني محرم بموجب أحكام القانون الدولي العام من ناحية، ويفرض في أحكامه إنزال العقوبات الرادعة من ناحية أخرى على الذين يمارسونه، وكون أمريكا تطالب فقط بتجميد هذا الاستيطان ولفترة محددة بستين يوماً، فإن ذلك يجعل واشنطن متورطة في مخالفة أحكام القانون الدولي العام، وتصبح مستحقة لإنزال العقوبات الدولية عليها، لأن التأجيل للاستيطان في دلالاته يعني القبول به بدليل التأجيل بدلاً من الإلغاء، وفي هذه الحالة يحق للفلسطينيين أن يرفعوا شكوى إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد كل من تل أبيب وواشنطن باعتبرهما مؤيدين للاستعمار الاستيطاني المحرم في الفكر الإنساني المعاصر بموجب أحكام القانون الدولي العام، ويزيد هذه الصورة قتامة ما أعلنته الولاياتالمتحدةالأمريكية عن فشل المبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط في إقناع الحكومة الإسرائيلية بتمديد تجميد الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ عام 1967م، وهذا يعني أن جورج ميتشل متورط في تمثيل الحكومة الأمريكية بطلب التمديد بعدم البناء للمستوطنات اليهودية بدلاً من أن يطالب بإلغاء هذه المستوطنات بصورة نهائية تمشياً مع أحكام القانون الدولي العام الذي تحرمه وتجرم كل من يمارسه أو يساعد على ممارسته فوق المسرح الدولي وهما هنا إسرائيل الممارسة، وأمريكا المساعدة على ممارسته. على الرغم من هذه الحقائق التي تدين كلاً من إسرائيل وأمريكا في قضية المستوطنات، فإن المبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل أقر بوجود عقبات وصعوبات تعترض المباحثات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي دون أن يوضح السبب المتمثل في الاستطيان اليهودي بالأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وهو وضع يدين بكل صراحة إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية، الأولى لأنها تمارسه والثانية لأنها لا تطالب بإلغائه وإنما تكتفي بطلب تمديد تنفيذه، وهو جرم من وجهة نظر القانون الدولي العام، وهذه الحقيقة تجعل من الدور الأمريكي يدور خارج إطار المنطق الدولي الذي يحرم بكل صراحة كل صور الاستعمار الاستيطاني الذي تمارسه إسرائيل علناً ولا تطالب أمريكا بإلغائه، وإنما تطالب بتمديد تأجيل تنفيذه، ومعنى ذلك أن كل جهد ممكن يبذل من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية هو جهد ضائع مما يتعذر معه الوصول إلى تحقيق السلام على أساس الدولتين لأن المجال الاقليمي للدولة الفلسطينية معتدى عليه بإقامة المستوطنات اليهودية فوقه، مما يجعل الجهود الثنائية التي تعلن عنها واشنطن مع الفلسطينيين والإسرائيليين يدور في حلقة مفرغة، طالما أن إسرائيل مصرة على الاستمرار في بناء المستوطنات اليهودية فوق الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وأن أمريكا لا تستطيع أن تأمرها بوقف هذا التوسع الاستيطاني فوراً لأنه مخالف لأحكام القانون الدولي العام ويجرمه كل فقهاء هذا القانون الذي يطالبون بإنزال العقوبات الصارمة على من يمارسة وكذلك على من يساعد على ممارسته واعتبار الموقفين جرماً يستوجب مثول من يقوم بالموقفين الممارسة له والمساعدة عليه أمام القضاء الدولي في لاهاي، وظهر صوت مدو من داخل فلسطين ليعلن «بأن على إسرائيل أن تختار بين السلام وبين الاستيطان، فالسلام والاستيطان خطان متوازيان لا يلتقيان»، هذه المعادلة التي يطرحها الجانب الفلسطيني لا تجد استجابة من قبل إسرائيل أو قبولاً من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية بدليل أن المبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط جورج ميتشل أكد بأن أمريكا تبذل قصارى جهدها لاستمرار المفاوضات مع الجانب الفلسطيني الذي يتحفظ عليها الآن، لأن إسرائيل وبدعم من أمريكا تريد فرض السلام بالرؤية اليمينية المتطرفة الإسرائيلية على أساس أن يقوم هذا السلام بفرض الوجود الصهيوني في داخل الكيان الفلسطيني بحيث تقام دولة هشة فلسطينية ناقصة السيادة وتستضيف رغم أنفها مستوطنات يهودية في داخل أراضيها، وبدلاً من أن تردع أمريكا هذا التوجه الإسرائيلي نجد الرئيس الأمريكي باراك أوباما يفضح من خلال مسودة رسالة يعتزم توجيهها إلى رئيس الوزارة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تضمن مغريات سياسية وأمنية مقابل موافقته على تمديد تجميد الاستيطان فوق الأراضي الفلسطينيةالمحتلة لمدة ستين يوماً مع التعهد بعدم طلب تمديد آخر لتجميد الاستيطان مع الالتزام باستخدام الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن ضد أي توجه فلسطيني - عربي يمس بالدولة الإسرائيلية والتعهد أيضاً بإبقاء القوات الإسرائيلية في غور الأردن لأطول فترة ممكنة في إطار التسوية النهائية مع الفلسطينيين، وتمثل هذه الضمانات الأمريكية دعماً سافراً للاحتلال الاستيطاني بكل ما فيه من انتهاك علني لأحكام القانون الدولي العام ويعاقب من يمارس الاستعمار الاستطياني بالمحاكمة العلنية أمام القضاء الدولي في لاهاي. تقول كاثرين اشتون وزير خارجية الوحدة الأوروبية: إنني أعبر عن التزام الوحدة الأوربية المكونة من 27 دلة.. باستمرار مفاوضات السلام التي تؤدي إلى قيام دولتين ولكنها لم تتناول قضية المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وإصرار إسرائيل عليها مما يجعل الوصول إلى سلام قضية مستحيلة.