تتابع الأزمات المالية على السعوديين خلال السنوات الماضية والتي تعتبر نتيجة حتمية لعوامل تضخمية عالمية ألقت بظلالها على شتى مناحي الحياة في السعودية. ومن أهم الأزمات التي أثرت بشكل واضح على ميزانيات كثير من الأسر هي أزمة السكن الذي يستقطع من دخل الأسرة السعودية نحو 40% وما تبقى من الدخل الشهري يصرف على الصحة والتعليم ليقع كثير من السعوديين في ورطة الديون الاستهلاكية والتي تقدر ب 195 مليار ريال حتى نهاية الربع من العام الجاري بزيادة 9.8% عن ما تم تقديمه من قروض استهلاكية خلال نفس الفترة من العام الماضي. ورغم زيادة المشكلات المالية الخانقة على المواطنين، إلا أن هناك باباً من الأمل أمام كثير من المواطنين حيث يتوقع نائب رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية عبد الله عمار العمار أن تتضمن الميزانية القادمة مخصصات كبيرة لقطاع الإسكان، مؤكداّ أن أزمة الإسكان في السعودية تحتاج إلى بناء نحو 3 ملايين وحدة سكنية خلال الست سنوات القادمة. وأكد ل"الرياض" أن عدد السعوديين الذين لا يملكون مساكن خاصة بهم قد زاد من 50% قبل 20 عاما إلى أكثر من 75% في الوقت الحاضر، لافتاّ إلى أن أهمية المسكن للمواطن زادت عن ذي قبل كونها أصبحت تستقطع نحو 40% من مرتبه الشهري. وطالب العمار بضرورة إيجاد مشروع وطني لإنشاء وحدات سكنية للمواطنين لمواجهة أزمة السكن والتي أصبحت القاسم المشترك في مشاكل غالبية المواطنين، داعياّ إلى ضرورة أن يشارك في هذا المشروع بالإضافة إلى الهيئة العامة للإسكان والوزارات والهيئات والمصالح الحكومية، القطاع الخاص بما في ذلك البنوك والمنشآت التي تتحمل مسؤولية اجتماعية نتيجة لتأثيرها المباشر وغير المباشر في البيئة العامة للوطن. وقال العمار اننا لا نطالب مصانع الأسمنت أو غيرها أن تمنح موادها مجاناّ أو نطالب تلك الجهات بإنشاء مساكن مجانية وإنما أطالب هذه الجهات بالاقتداء بمبادرة ارامكو السعودية والتي قامت بتطوير بعض الأراضي التي تملكها ومن ثم قامت بطرح هذه الأراضي في منافسة بين تحالفات من المقاولين والمطورين العقاريين لإنشاء وحدات سكنية بأعلى جودة وبأقل تكلفة وتوزيعها على موظفي أرامكو تقسيطاً من رواتبهم ورهن هذه الوحدات السكنية بصكوك هذه العقارات ومكافأة نهاية الخدمة للموظفين المستفيدين. وأشار إلى أن ما قامت به ارامكو حل مشكلة كثير من موظفيها ومن الطبيعي أن يحل مثل هذا المشروع أزمة السكن لبقية المواطنين، مشيراّ إلى أن دعم الحكومة للإسكان بتقديم قرض وأرض في التسعينات من القرن الهجري الماضي حينما كانت الحاجة ملحة لإنشاء مساكن للمواطنين أسست صندوق التنمية العقاري برأسمال 250 مليون ريال عام 1394ه وصل رأسماله بنهاية عام 1429/1430ه إلى 95 مليون ريال والذي أسهم في حينه في حل مشكلة السكن لكثير من المواطنين في جميع أنحاء المملكة. ولفت إلى أهمية تحويل صندوق التنمية العقاري إلى بنك عقاري متخصص في تنمية العقار بشقيه السكني والاستثماري وأن يسمح له باستثمار جزء من رأسماله لزيادة إيراداته وأن يعطى بعض المزايا التي تحصل عليها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ومؤسسة التقاعد، مشدداّ على أهمية إلزام المتهربين من تسديد أقساط صندوق التنمية العقاري بالسداد عن طريق ربطهم بنظام سمة الائتماني. وقال العمار من المهم تعويض الصندوق العقاري عن المبالغ المتآكلة من رأسماله والتي بلغت بنهاية عام 1428/1427ه نحو 37 مليار ريال وزيادة رأسماله إلى 250 مليار ريال خلال الخمس سنوات القادمة.