في تطور عالمي وقبل عقدين، أو أكثر، تنبهت شركات عالمية كبرى وأقل منها بالمستوى، أن الوقوف وحيدة قد لا يجعلها تنافس الشركات المتوحدة والمندمجة، لأن التحدي أكبر من ذلك وخاصة حينما دخلت آسيا طرفاً في الإخلال بالموازين، فصار لابد من تحول في الأسلوب والإدارة والصرف بسخاء على مصادر الربح بما فيها مراكز البحوث العلمية ومنتجها الاقتصادي، إذ لم يعد الاقليم والقارة ساتراً أمام السيطرة على أسواق العالم، إلا بالاندماج والتخطيط للمستقبل البعيد، وبذلك تلافت خسائرها والهروب من الضرائب، والتعويض عن أي انتكاسة بسوق محلي، أو فرع بمنطقة ما. في الطفرة الأولى في السبعينيات، احتلت إنشاء البنية الأساسية شركات كورية وتايوانية وأوروبية، لأن القاعدة لدينا في تنفيذ مثل هذه المشاريع لا تقوى عليها لضعفها وبداياتها المتواضعة بل دخل بعضها من الباطن في أخذ بعض تلك المقاولات بأسعار لا تقلل من مكاسب الشركة الأم، وقلنا وقتها إن التجربة مفيدة لقطاع الإنشاءات والمصانع في التعلم ممن دخلت سوقنا مسلحة بالأموال والعمالة الماهرة وسرعة الإنجاز عندما كان العمل يتم على عدة فترات في سباق مع الزمن، وكسب ثقة الأجهزة الحكومية في المملكة وبالفعل كانت الإنجازات مبهرة، وغير مسبوقة. المرحلة الراهنة تشهد طفرة أكبر من الأولى، لأن المشاريع استراتيجية على مستوى المنشآت الهائلة، أو الصناعات المضافة، أو الطرق والمطارات والموانئ والجامعات التي تشهد أكبر ميزانيات في تاريخ المملكة، وعدا سابك وأرامكو وشركات الكهرباء فإن محتكري المقاولات الرئيسية، لا تعدو شركتين فقط ومعهما سلسلة من الشركات الصغيرة التي تقع على هامشها في التقاط بعض الفتات في تنفيذ بعض الأعمال المساعدة، بينما توجد شركات عقارية وأخرى دخلت في مشاريع مختلفة، لا نجد عقداً رابطاً بينها بحيث تشكل قوة محسوبة بالاندماج لتكون قوة مساوية لغيرها، ولا ندري، هل الأسباب الفعلية الفردية السائدة والمنافسات الضعيفة، أم الخوف من ذوبان شركة بأخرى، بينما سوقنا يحتاج لعشرات الشركات التي تتميز بالإدارة المتطورة، والرؤية البعيدة بحيث تنتقل من المحلية إلى الاقليمية أو الدولية ويأتي الاحتجاج من دخول شركات صينية تنفذ بعض المقاولات أمرا غير منطقي إذا كانت شركات المقاولات المحلية عاجزة عن تنفيذ مشاريع مدارس التعليم العام بنين وبنات، لضعف إمكاناتها وتواضع إداراتها ورأسمالها، وحتى في حال تحقق تبني شركة جديدة وفق أسس تتطلع ان تكون مزاحمة في أكبر سوق في المنطقة إلاّ ان نجاحها ظل مشكوكاً فيه، ولا نريد تسمية من فشل ومن تقهقر لأن ذلك أمر يهم القائمين على تلك الشركات ولا تزال الفرص مفتوحة لمن يريد أن يكون فاعلاً لا متراجعاً.