استبشر السعوديون خيراً بفك الحكومة احتكار الخطوط الجوية السعودية لسوق النقل الجوي الداخلي قبل ثلاثة أعوام, غير أن أداء شركتي "سما" و"ناس" اللتين تم منحهما رخصة النقل الجوي لم يكن مقنعاً للجمهور,ولم تفيا بالغرض. وعلى ضوء ذلك, دعا اقتصاديون إلى حل أزمة النقل الجوي الداخلي بالسماح لشركات الطيران الخليجية ذات الإمكانيات الكبيرة بالنقل بين المدن السعودية, للمساهمة في تخفيف الضغط على الناقل الرسمي ولإيجاد خيارات جيدة أمام المسافر المحلي. وقال فضل البوعينين الاقتصادي المعروف, إن وضع سوق النقل الجوي الداخلي حالياً, يجعل من الأهمية بمكان الاستعانة بشركات الطيران الخليجية والأجنبية لخدمة المسافرين. وزاد:" من الضروري فتح سوق النقل الجوي أمام الجميع سواء شركات النقل الخليجية أو الدولية, وفق ضوابط السلطات السعودية, لأن وجود شركات كبرى في سوق واحد يقدم خدمة جيدة ويتيح أمام المسافرين عدة خيارات كما أنه مع مرور الوقت يضغط على الأسعار كما حدث في سوق الاتصالات, بينما وجود ناقل رسمي وحيد يجعل من السهل عليه إخفاء عيوبه مع عدم وجود منافسين أكفاء له, لتعثر شركات الطيران الاقتصادية التي دخلت السوق". وأوضح البوعينين أن الجهات المختصة مطالبة بفتح المجال أمام شركات الطيران الأجنبية لمساعدة الناقل الوطني في مواجهة الضغط على طائراته, كما يحدث في سوق النقل البري حيث يفتح المجال أمام الحافلات الأجنبية للنقل في مواسم الحج والعمرة. وفيما يتعلق بالمردود الاقتصادي لفتح المجال أمام الشركات الأجنبية, أشار البوعينين إلى أن وجود شركات طيران أجنبية تنقل داخلياً سيساهم في إيجاد دخل جديد للمطارات السعودية, وسيساهم في تشغيل بعض المطارات شبه المعطلة بالنظر إلى أن شركات الطيران يكون لها وحدات مشغلة في المطارات, ممثلاً على ذلك بمطار الملك فهد الدولي الذي نتيجة عدم وجود حركة جوية دولية قوية عليه دفع قاطني المنطقة المحيطة به إلى الذهاب نحو البحرين الدولة المجاورة للمطار من أجل السفر إلى الدول الأوروبية. من جهته, أكد الدكتور سالم باعجاجة الأكاديمي الاقتصادي في جامعة الطائف, أن شركات الطيران الخليجية ذات الإمكانيات العالمية ستقوم بأداء جيد عند السماح لها بالاستثمار في النقل الجوي بين المدن السعودية, مضيفاً :" ستقوم بنقل أعدادٍ كبيرة وتشغيل رحلات كثيرة مع تقديم خدمات جيدة متطورة تنال رضا وإعجاب المسافرين المحليين". وانتقد باعجاجة شركات الطيران الاقتصادي السعودية وخدماتها التي قدمتها للمسافرين منذ تشغيلها التجاري, وقال:" بالنسبة لشركتي سما وناس كانت إمكانياتهما ضئيلة. وتابع:" احتكار الخطوط السعودية لسوق النقل الجوي والذي استمر سنين طويلة مارست خلالها تحكماً في السوق وفي الخدمات المقدمة للجمهور, كان من المنتظر أن يكون فكه من خلال السماح لشركات كبيرة تقدم خدمات جيدة للمسافرين في المملكة". ولفت باعجاجة إلى أن تحجج شركات الطيران الاقتصادي بالتمييز بينها وبين الخطوط السعودية في أسعار الوقود يعد عذراً واهياً لتردي خدماتها, نتيجة أن الخطوط السعودية ناقل رسمي وبالتالي من المؤكد أن الدولة ستدعمه حتى ينجح في خدمة المسافرين ومن ذلك دعم الدولة للوقود الذي تستخدمه "السعودية" في أسطول طائراتها. وزاد:" من المفترض أن تكون شركات الطيران التي رخص لها بالاستثمار في سوق النقل الجوي السعودي, شركات ذات إمكانيات كبيرة وجاهزة للنجاح, ولكن ما حدث هو تعثر هذه الشركات في تقديم ما يرضي المسافر المحلي, ومن ذلك تأخر الرحلات وإلغاؤها بسبب قلة أعداد الطائرات, وضعف الكوادر البشرية العاملة في هذه الشركات ما أحدث سوءاً في الخدمات المقدمة, وصولاً إلى التحجج بدعم الوقود المقدم للناقل الوطني". وبعد توقف خدمات "سما" كشفت مصادر أن "الخطوط السعودية" تملك رغبة في شراء شركة "سما للطيران"، إلى جانب أن الخطوط القطرية، وطيران العربية، تتطلعان كذالك للاستحواذ على الشركة. وكانت شركة "سما للطيران" قد أوقفت جميع رحلاتها 24 أغسطس الماضي, بعد فشل خططها في الوصول إلى حلول تجنبها وقف عمليات التشغيل, مؤكدة أن القرار لم يتخذ بسهولة، لكنه الخيار الوحيد المتبقي أمام الشركة. يذكر أن شركة سما للطيران بدأت الخدمة في مارس 2007، وفي فبراير الماضي أعلنت إيقاف رحلاتها الإلزامية للمدن الداخلية، بعد تكبدها خسائر تجاوزت 50 مليون ريال جراء الخدمة الإلزامية.