يبدو أن مجتمعنا لديه فوبيا عصابية من كل قضية تمس المرأة وحياتها، حتى لو كان الأمر يتعلق بتحسين حياتها وتغييرها إلى الأفضل. هذه العصابية مصابٌ بها بعض الرجال والنساء على حد سواء!!. عندما يتعلق الأمر بتحسين أو تغيير ما يتعلق بحواء، فإننا وللأسف الشديد ليس لدينا مقياس ثابت واضح للحكم على الأمور فحتى الآن نحن لا نميز بين الاختلاط والخلوة!!. لا نميز بين مفهوم حماية المرأة وكرامة المرأة!!. للأسف لا نستطيع أن نفهم أن المرأة إنسان مثلها مثل أخيها الرجل، لها احتياجاتها ورغباتها، ولها أيضاً مسؤولياتها التي تحتم عليها ظروف الحياة أن تقوم بها. الغريب أننا نقبل عملها في قرية نائية وما تتعرض له من مخاطر ووعورة الطريق التي أدت ولازالت إلى حوادث بشعة بل وفيات كلهن من النساء!! وبالمقابل نرفض ما هو أحسن وأكثر أماناً لها!!.نحن نقبل أن تبيع النساء على قارعة الطريق وفي الحر وفي ظروف قاسية، ولكن بمجرد أن يظهر اقتراح ببيع النساء ولكن في محلات مكيفة وأكثر أماناً لها وخدمة لبني جنسها كبيع الملابس الداخلية!! تقوم الدنيا ولا تقعد في مهزلة غريبة!!فمجتمعنا يحمي النساء من التعرض للرجال، وبأن له خصوصية وو.... وبكل غرابة وتفرد يرفض أن يتولى بيع أخص خصوصيات النساء.. نساء مثلهن!! ويرفض ويصر على بقاء الرجل الغريب بائعاً رغم كل شيء، في تناقض صارخ يضحك منه المحيطون بنا ولا يوجد له تفسير سوى أننا وبكل بساطة ننظر للأمور بطريقة غير منطقية وبعشوائية، ونبالغ في التوجس من المرأة وحمايتها والخوف منها لنقع في أبشع مما كنا نود حمايتها منه!!. خذوا على سبيل المثال قضية عمل النساء في الكاشير. لقد قامت القيامة لعمل المرأة في هذا المجال وندد البعض بآثاره السيئة ولوحوا بشعار المقاطعة المعتاد!!. ونسوا أو تناسوا أن الاختلاط موجود في كل مكان، في السوق وفي المستشفيات وفي بيوت الله!. الاختلاط يا سادة لا يمكن تفاديه الا إذا قسمنا العالم لقسمين شرقه للنساء وغربه للذكور وهذا مستحيل!!. ثم إن عمل المرأة في وظيفة كاشير لم يأت من باب كسر القوانين أو الخروج عن تعاليم الشريعة الإسلامية بل أتى كحاجة وكسدّ لأبواب أخرى هي أكثر مرارة من وقوف المرأة وراء الكاشير لتبيع وتكسب قوت يومها. بالله عليكم أيها المعترضون خبروني ما هي الحلول التي تقدمونها للمرأة الأرملة أمّ الأطفال ، للمطلقة التي لا يصرف عليها زوجها، لخريجة الجامعة حبيسة بيتها ورهينة وقت الفراغ المدمر القاتل؟ ماذا تفعلون في البطالة المرتفعة بالذات بين النساء؟ لا تقولوا التبرير المعتاد هناك وليها وهو يصرف عليها؟!. أنا في حياتي اليومية لا أرى أثراً لصرف الوليّ! وبالمقابل أرى الأعداد المتزايدة من النساء اللاتي تقتات على ما تقدمه وزارة الشؤون الاجتماعية من عون مادي!! ثم بالله عليكم ما الفرق أن تقف المرأة خلف الكاشير لتبيع أو أمامه لتشتري؟. هل المسألة تكون التالي يبيع لها رجل جائز! تبيع هي لرجل محرم!! إنها نظرتنا للمرأة وكل ما يتعلق بها..التي تتسم بالسطحية والخوف والعصابية والتخبط... لمجرد قرار أو حتى مقال يخص المرأة!!.