من أكثر الأشياء ألماً أن يتحول الإنسان بما يملكه من قدرات ومشاعر ومواهب وإمكانات وحرية إلى مجرد سلعة أو شيء مادي يباع ويشترى وتتم المساومة عليه، بل وتتخذ القرارات عنه ويقرر عنه ما فيه مصلحته المزعومة، وهذا شيء طبيعي حيث إن هذا الشيء لا عقل له ولا إرادة مستقلة، وهل للجماد قدرة على التفكير أصلا وتقرير حرية المصير؟! يطيب لنا أن نتحدث عن المرأة وأنها أصبحت شيئاً وسلعة ولكن ليست لدينا حاشا لله ! وإنما لدى الغرب الذي جعلها كذلك، فهي هناك تُشترى وتُطلب لأغراض مادية وجنسية ليس إلا!! وكأن ما تملكه ليس سوى جسدها الذي يتسابق الجميع لاستغلاله ولإشباع غرائزهم من خلاله!!. كل هذا يحدث في الغرب فقط!!. ولو تأملنا قليلا في وضع المرأة لدينا لوجدنا أنها أصبحت كذلك شيئا وأننا نحاول تجريدها من إنسانيتها بكل ما تحمل الكلمة من معان عميقة!. هل تتخذ المرأة قرارها بنفسها في أخص أمورها؟! أليست بحاجة لمن يتولى أمرها حتى لو كان أقل منها سنا وعقلا ونضجا؟! وما حال المعلقات والمطالبات بالخلع سوى تصوير مؤلم لقيمة المرأة لدى البعض؟!. ألا يوجد الأب الذي يعضل بناته ويؤخر زواجهن من أجل دخلهن الشهري، أو حتى بسبب مبلغ كبير يعجز عن دفعه الشاب المسكين، ليفوز به - أي الشيء -! ربما شيخ طاعن في السن استطاع أن يدفع المبلغ المطلوب، فيتسلم ذلك الشيء من دون أن نسأل عن مدى مناسبته وملاءمته لها؟! وهل نطلب من البشر أن يفكروا في الأشياء ويراعوا مشاعرها وتحقيق التكافؤ بينهم وبينها!!. عندما يتخلى الرجل عن زوجته التي عاشت معه وكافحت ليستبدلها بأخرى صغيرة، ويعلل ذلك أن زوجته كبرت وهرمت وكأنها وحدها من مر بها العمر وطرق بابها، ولم يمر به هو الآخر ويغير فيه الكثير!. عندما نكتب في بعض جامعاتنا ومدارسنا كقوانين لخروج نسائنا وفتياتنا ونقول بتلك العبارة المؤلمة "أن يحضر ولي أمرها لاستلامها بنفسه"!!..أليست بالله عليكم شيئاً بهذه الطريقة، نحتاج من يستلمه فهو غير قادر على الحركة والخروج؟! ومنذ متى كانت الجمادات والأشياء تتحرك يا سادة!! عندما نطلب من المرأة أن تبقى في بيتها ونحرمها من أبسط الأنشطة المباحة والمشروعة ونقول لها تسلية لخاطرها إنها كالجوهرة لا يحق لأحد رؤيتها وإن كرامتها في بقائها في علبتها المخملية! أليست هنا شيئاً؟! ولا يعني المرأة "الشيء" إن حاولت أن تطيب خاطرها وترضيها بأنك جعلتها شيئاً قيما وثميان كالجوهرة!!بعد أن سلبتها حريتها وإرادتها!!. ليس الغرب وحده كما يحلو لنا الوحيد الذي يجعل من المرأة شيئاً! وإنما نحن أيضا نمارسه في حقها وبصور مختلفة في مجتمعنا، فكلنا للأسف في الهمّ سواء أياً اختلفت صوره ومظاهره!.