تعتبر المؤسسة الدينية ميزة تنفرد بها المملكة العربية السعودية في العالم الإسلامي إضافة إلى القوة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية مما يمنحها ثقلاً إسلامياً ودولياً نظراً لما تمثله المملكة من ريادة وقيادة في العالم الإسلامي بحكم أنها مهبط الوحي وقبلة المسلمين مما يعطي لهذه المؤسسة الدينية ميزة الثقة والقبول من الغالبية العظمى من المسلمين في أقطار العالم. وأعتقد أن قرار توحيد الفتوى وقصرها بمؤسسة الإفتاء الرسمية سيعزز مكانة المؤسسة الدينية باعتبارها إحدى المؤسسات الهامة المكونة للدولة ويعيد لها هيبتها، وسيمنع من هذا العبث الحاصل في الإفتاء الذي أصبح الشغل الشاغل لوسائل الإعلام في الآونة الأخيرة التي أصبحت تنشر الفتاوى من غير أهلها بما يتوافق مع أهواء معينة تسيء إلى سمعة المملكة العربية السعودية داخليا وخارجيا. وكما أسلفنا فإن الفتوى مهمة عظيمة يتحقق بها حماية الدين وسياسة الرعية، وتنظيمها يقضي على فوضى الإفتاء التي قد تؤدي إلى إشاعة الفتنة في الأمة وتأليبها على قادتها وعلمائها وهذا خلاف مقاصد الشريعة التي جاءت بتحقيق الاجتماع وعدم الفرقة خصوصا أن هنالك من أعداء الأمة ممن يتربصون بها ويتخذون من مثل هذه الفوضى في الفتوى ذريعة إلى التقليل من مكانة المملكة أو تبريرا لغاياتهم في النيل من أمنها ووحدتها. ونخلص إلى أن تنظيم الفتوى وقصرها على جهات الإفتاء الرسمية سياسة شرعية موفقة ومطلب أساسي يحتاج إلى التزام وسائل الإعلام المختلفة بتنفيذ هذا القرار من خلال وضع ضوابط نظامية تحدد آلية للنشر الفتاوى من أهلها بما يضمن صيانة وحماية سمعة المؤسسة الدينية، حيث ان بعض الفتاوى في الآونة الأخيرة أصبحت مثيرة للجدل وتقلل من مكانة المملكة في العالم الإسلامي وتعطي انطباعا للبعض بأن هناك نوعاً من الفوضى في هذا المجال وهذا غير صحيح فالإشكالية الموجودة حالياً سببها تجرؤ البعض على الإفتاء وبمباركة من بعض وسائل الإعلام التي تبحث عن الفتاوى الغريبة دون أن تنشر الفتاوى التي لاتتماشى مع رؤيتها، وهذا سبب تلك الفوضى مما يجعل هذا القرار حاسما لهذا الخلاف.