قال مصدر نفطي خليجي إن اوبك ليست بحاجة لتعديل سياستها الانتاجية في اجتماعها المقبل في اكتوبر تشرين الأول نظرا لأن أسعار النفط تتحرك في نطاق مقبول. وقال المصدر "خفض الانتاج ليس واردا نظرا لأن الأسعار في نطاق 70 إلى 75 دولارا ولا يبدو أنها ترتفع." واضاف أنه لا ضرورة أيضا لأي زيادة في الانتاج. ووفقاً للمنظمة فإن متوسط أسعار سلة خاماتها القياسية ارتفع قليلا إلى 74.66 دولارا للبرميل يوم الجمعة من 74.48 دولارا يوم الخميس. وتضم سلة أوبك 12 نوعا من النفط الخام. وهذه الخامات هي خام صحارى الجزائري وجيراسول الانجولي والايراني الثقيل والبصرة الخفيف العراقي وخام التصدير الكويتي وخام السدر الليبي وخام بوني الخفيف النيجيري والخام البحري القطري والخام العربي الخفيف السعودي وخام مربان الاماراتي وخام ميري الفنزويلي واورينت من الاكوادور. وتحتفل اليوم منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لاستقبال العام الخمسين على تأسيسها حيث لا تعتزم المنظمة إقامة مراسم احتفالية كبرى ولكنها ستستقبل عيدها الخمسين بمؤتمر صحفي متواضع في مقر المنظمة بفيينا. وربما يبدو ذلك أمرا مثيرا للدهشة بالنسبة للتكتل الوحيد في العالم للدول المصدرة للنفط ولكن مراسم الاحتفال المتواضعة بذكرى تأسيسها تعتبر مناسبة نظرا للاهمية المنحسرة لتلك المنظمة والمخاطر التي تواجهها وسط التحولات التكنولوجية الجارية. وقال خبير شئون الطاقة أندرياس جولدثاو عن هذه المنظمة التي تضم في عضويتها 12 دولة : "أعتقد أنها لا تزال هامة وقوية". وتقول أوبك إنها تضخ ثلث النفط العالمي وتسيطر على 80% من الاحتياطيات. غير أن بعض الخبراء يقولون إن تلك المنظمة التي أسستها كل من إيران والعراق والكويت والسعودية وفنزويلا عام 1960، قد تشهد انخفاضا على منتجها بسبب الاتجاه نحو الطرق البديلة لتزويد المركبات بالوقود والسياسات الرامية إلى الحد من تغير المناخ عن طريق وسائل تكنولوجية جديدة وضرائب. تلك التطورات إلى جانب جهود الولاياتالمتحدة الرامية إلى أن تصبح أقل اعتمادا على النفط الأجنبي، لا تبشر بالخير على المدى البعيد، بحسب رؤية فاضل الجلبي، الذي عمل أمينا عاما لأوبك خلال ثمانينيات القرن الماضي. وقال هذا الخبير العراقي الذي يرأس حاليا مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن: " يؤثر هذا على نمو الاستهلاك". وثمة تساؤل آخر يطرح نفسه حول ما إذا كانت الدول الخمس المؤسسة لأوبك، إضافة إلى الجزائر وأنجولا والإكوادور وليبيا ونيجيريا وقطر والإمارات يمكن أن تستمر في السيطرة على الأسعار. واستطاع الأعضاء العرب في المنظمة عام 1973 إثبات أنهم يستطيعون فعل ذلك عندما ضاعفوا أسعار النفط وخفضوا الإنتاج، ليثيروا بذلك ما يسمى بأزمة النفط الأولى. ولكن أسعار النفط بلغت معدلا قياسيا في أعلى ارتفاع لها على الإطلاق في يوليو عام 2008 حيث بلغ سعر البرميل 147 دولارا. ويقول جولدثاو، الذي يعمل في الجامعة الاوروبية المركزية "سنترال يوروبيان يونيفرستي" في بودابست، إن ذلك لايرجع إلى ما فعلته أو ما لم تفعله أوبك. وأوضح أن ذلك يرجع إلى عدة عوامل من بينها رفع المضاربين للأسعار وتنامي الطلب من جانب الصين وغيرها ونقص طاقة الإنتاج الاحتياطي الفائض لدى أوبك وتحول المستثمرين إلى النفط في خضم الأزمة المالية الأمريكية. وقال جولدثاو، الذي نشر مؤخرا كتابا عن المنظمة: "فقدت أوبك الكثير من قدرتها على تحديد الأسعار". وتتحمل أوبك جزءا من المسئولية عن ذلك. وكانت أسعار الخام المرتفعة لدى أوبك في السبعينيات جعلت الأمر مربحا لشركات النفط أن تتطلع إلى سوق لهذه السلعة خارج الشرق الأوسط، ما أدى إلى النهوض بسوق أكثر تنوعا. ومع ذلك، لا زالت هذه المنظمة تحتفظ بالنفوذ من خلال إرسال مؤشرات عن أهداف الإنتاج أو الأسعار المستهدفة لأسواق النفط المستقبلية، التي تعتمد في تجارتها على تكهنات وليس على الإتاحة المادية لبراميل النفط، طبقا لجولدثاو. ويمكن أن نلاحظ تأثير كلمات وزراء نفط دول أوبك أثناء اجتماعاتهم في فيينا، عندما ينقل الصحفيون بسكون كل تعليق مباشرة إلى زبائنهم في السوق التجارية، حتى وإن كانت تصريحات هؤلاء الوزراء لاتزيد عن كلمات "نعم" أو "لا" أو "ربما". وتستفيد المنظمة أيضا من المصداقية في السوق، حيث تلتزم دولها الأعضاء بصورة وثيقة نسبيا بحصص الإنتاج المتفق عليها. لكن اجتماعات أوبك تكشف أيضا وبشكل منتظم عن أن هذه المنظمة ليست على قدر الفعالية التي يمكن أن تكون عليها بسبب انقسامات داخلية منذ أمد طويل بشأن سياسة التسعير بعيدة المدى. وبينما تسعى بعض الدول مثل إيران وفنزويلا نحو أسعار مرتفعة لتمويل موازناتها، فإن دولا أخرى مثل السعودية ترغب في التأكد من ألا يرتفع السعر بشكل يؤدي إلى خفض الطلب. وقال الجلبي إن هناك في الغالب اتفاقا أكبر على حصد الأرباح على المدى القصير. وأضاف انه من أجل ضمان مستقبلها فإنه ينبغي على هذه المنظمة أن تنظر وتفكر في استراتيجيات على المدى البعيد وأن تعيد النظر في سياسة التسعير لتثبيط التحول إلى مصادر الطاقة البديلة . واستطرد الجلبي يقول " لكن ذلك أمر مناسب من الناحية النظرية إلا أن الاعتبارات قصيرة المدى هي التي تسود ".