فيما أصبح البريد الالكتروني في معظم الشركات وبعض الدوائر الحكومية وسيلة الاتصال الكتابية لدى موظفيها ، إلا انه لا يزال يستخدم عند أغلبهم لمجرد الترفيه ، ومع ذلك فإنه أفضل حالا من أولئك الذين لا تزال تستشري فيهم متلازمة - هات الخطاب ورده - ، وأضف هذه الجملة وأحذف تلك ، حتى أصبح بعض المديرين وأعوانهم يشعرون بأن يوم الانجاز لديهم هو ذلك اليوم الذي يبدأون فيه بكتابة خطاب مع شروق الشمس ، ويصدرونه مع زوالها ، حتى أصبحت الوسيلة لديهم غاية. ان ثقافة البريد الالكتروني قد بدأت تنتشر بشكل كبير وفعال ، وممن استفاد منها أهل التسويق والمبيعات ، فاستطاعوا أن يصلوا الى الآلاف بل الملايين وبضغطة زر ، برسائل دعائية مليئة بالوسائط التي تجذب اليها قرائها ، حتى أصبحت سرعة انتشار البريد الالكتروني قوة اعلامية لا يستهان بها ، ولتوضيح ذلك لعلكم تذكرون قصة الملك الصيني الذي أراد أن يكافئ أحد عماله بتلبية أي طلب يريده ، فقال العامل : أريدك أن تحضر رقعة الشطرنج وتضع حبة رز واحدة على أول مربع فيها ، وفي المربع الثاني أريد حبتين ، وفي المربع الثالث يتضاعف العدد الى اربع حبات ، وهكذا تتضاعف حبات الرز مع كل مربع من مربعات رقعة الشطرنج الاربع والستون ، عندها ضحك الملك من تفاهة هذا الطلب وقال اعطوه ما يشاء ، فلما شرع أصحاب المخزون بتنفيذ الطلب وجدوا انهم قد قاربوا من ملياري حبة عند المنتصف ، وان مخزونهم كله لايكفي لتلبيه هذا الطلب الذكي. وهكذا ينتشر البريد الالكتروني ، فلو افترضنا ان كل شخص ارسلت له بريدا قام بإعادة تمريره الى اثنين على الاقل خلال ساعة ، فإن البريد سوف يتضاعف تكراره ويصل الى ثمانية ملايين شخص بعد اليوم الاول ، والله يضاعف لمن يشاء إن كان فيه خير وفائدة . ما أروع أن يصلك بريد الكتروني قد اعتنى فيه صاحبه اخراجا ومضمونا ومشاعرا ، والأهم أن يكون مرسلا لك وحدك ، ولست ضمن مجموعة كنت أنت أحدهم في خانة (TO) أو (CC) أو حتى (BCC) ، سواء أكان تهنئة عيد أو عقد فوائد فريد أو علم مفيد ، وهذا أمر سهل على المرسل يمكن تحقيقة ، اذ يمكنك أن ترسل الف بريد الى ألف شخص ، وفي كل بريد يكون فيه اسم الشخص المرسل اليه ضمن محتوى الرسالة كنوع من الاهتمام به ؛ فلو افترضنا أن لديك ملف ( اكسل ) به جدول يحوي اسم الف شخض وبريده ، ولديك حساب فعال للبريد في برنامج ( اوت لوك ) مثلا ، فان خدمة دمج البريد ( mail merge ) الموجودة في برنامج ( ورد ) سوف تمكنك من ذلك وبخطوات بسيطة ، إذ تبدأ بكتابة رسالتك في ملف ورد جديد ، ثم يقوم بعد ذلك بأخذ اسم كل شخص وبريده الالكتروني من الجدول ؛ حيث يدرج اسم الشخص في محتوى الرسالة ، ثم يرسلها عبر برنامج البريد الالكتروني الى ذلك العنوان ، وكل ذلك يتم بشكل آلي ، وبضغطة زر. في العيد ، ما أروع أن تكون المعايدة عبر مهاتفة صوتية أو رسالة محمول أو بي بيه ، ولا أقل من رسالة الكترونية ، وذلك أضعف الايمان ، أما افلاطون فقد احتار في معايدة لطيفة ، تليق بمن يراها كالماسة خرجت من رحم جوهرة ، ونظرلانقطاع الاتصالات في مملكته الافلاطونية ، اكتفى ملحنا كما كان ابو نايف فقال : الله أقوى ليه خانتني الظروف * * ماهقيت الليل ما يوفي الوعد.