على مدى ثلاثة عقود وهم يجوبون ويؤلبون المجتمع على أبنائه باسم الدين، ويطلقون فتاوى "عابرة القارات" على من يخالفهم في ادنى الامور الحياتية- دون مراعاة مصالح العباد والبلاد- أو لا يكون مظهره مطابقاً للمواصفات والمقياييس الصحوية! كم عانينا من اولئك الزمرة طوال السنوات المنصرمة، من تشويش.. وتفريق.. وزرع الكراهية.. ونبذ الآخر! صنفوا المثقفين دون فهم للثقافة الفكرية، ولم يفرقوا بين الحداثة الغربية والعربية. حرموا التلفاز وظهروا فيه.. حذروا من الانترنت وتبعاته، وانتشروا فيه.. لم يبق طريقاً إلا سلكوه! وها هو اليوم، وفي شهر عظيم، يصدر خادم البيتين الشريفين ملك الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز، قراراً يفرق فيه بين الفتيا الطائشة القائمة على انطباعات ساذجة، أو ادلوجيات باسم الدين، وينحرها؛ وبين الفتيا المنضبطة بتعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء، التي تحافظ على مصالح المسلمين وحقوقهم وواجباتهم نحو وطنهم والآخر. لا بالتفريق والتفسيق فقط للاختلاف بالرأي. إن تنظيم الفتوى بشكلٍ مؤسسي سيكون له اثر كبير يجني ثماره الناس في قادم الأيام، بما ينفعهم في دينهم ويعينهم على تنظيم حياتهم اليومية، بعيداً عن الفوضى العارمة التي أحدثتها "صرخات" المنابر المستغلة لبيوت الله في غير مكانها، وإنما لإفكار متطرفة، تسعى لتحقيق مآربها. المجتمعات المدنية تنطلق من العمل المؤسسي، الذي يكفل حقوق الإنسان، وبناء الأوطان، بالعلم والمعرفة، لا بالخرافات والتهويل..!