تناغمت عدد من العوامل الاقتصادية والمناخية أمس الجمعة لتزيد من الضغوط على مسار أسعار النفط وتجبر أسعار الوقود الاحفوري على تسجيل ثالث تراجع أسبوعي في أربعة أسابيع لتعيدها إلى مستوى 74 دولارا للبرميل لخام ناميكس القياسي، رغم أن مشاعر التفاؤل كانت تلف المتعاملين بتجارة عقود النفط بأن تنتعش الأسعار لتصل إلى مستويات 80 دولارا للبرميل خلال الربع الثالث من هذا العام. فقد أدى تشكل عدد من الأعاصير التي تتأهب لضرب مناطق في الولاياتالمتحدةالأمريكية لتشل من حركة السفر وربما تفضي إلى تعطل المصافي وتراجع الطلب على الوقود في عطلة يوم العمال نتيجة إلى الإحجام عن السفر وتقليل الحركة المرورية تفاديا للأضرار، إلى هبوط خام ناميكس في مستهل التعاملات الصباحية إلى 74.89 دولارا للبرميل. وبما أن إعصار "ايرل" لا يمر في مسار على منشآت إنتاج النفط الخام في خليج المكسيك فقد رأى المحللون أن إنتاج الخام سيفوق حاجة المصافي وبالتالي سيكون هناك فائض في النفط الخام ما يدفع أسعار الخام إلى الانخفاض، غير أن ارتفاع المواد البترولية المكررة قد يشهد ارتفاعا في غضون الأيام القليلة القادمة في حالة توقف بعض المصافي. وأذكى ارتفاع معدلات البطالة بنسبة 1.5% خلال شهر أغسطس الماضي المخاوف من عودة الاقتصاد العالمي إلى الركود وتفاقم المشكلة الصحية التي يعاني منها الاقتصاد العالمي اثر الأزمة المالية التي تعصف بأركانه منذ عام 2008م، وعلى الرغم من تنامي أداء القطاع الصناعي في الولاياتالمتحدة والصين بنسبة ضئيلة خلال الأسبوع الماضي إلا أنه لم يصاحبه تحسن في أداء القطاعات الأخرى. وظلت معدلات البطالة وحركة بيع العقارات والمساكن في الدول الكبرى هي المؤشر الذي يستدل به على مدى انتعاش الاقتصاد العالمي والمحرك الحقيقي لأسواق الأسهم وأسعار السلع الأساسية، وطفق المستثمرون في عقود النفط يستندون على هذا المؤشر في صفقاتهم فيما يلجأون إلى المتاجرة بالذهب في كثير من الأحيان كملاذ آمن عند تذبذب الأسعار للاحتماء من الخسائر التي قد يتعرضون لها نتيجة إلى تأرجح الأسعار المستقبلية للنفط. وجاء تقهقر الطلب على النفط من الأسواق الآسيوية وخاصة من الصين واليابان خلال الشهر الماضي كداعم للمسار النازل الذي سلكته أسعار النفط منذ عدة أسابيع مع أن كثيرا من المراقبين يرون أن هذا المسار قد ينعكس ابتداء من الأسبوع القادم ليتخذ المسار الصاعد، بيد أنه من غير المتوقع أن يتخطى النفط مستوى 80 دولارا حتى نهاية العام الحالي في حالة استمر أداء الاقتصاد العالمي في التذبذب. بقاء النفط في مستويات ما بين 70 – 80 دولارا للبرميل يبعث الارتياح لدى الدول المنتجة للنفط لا سيما دول الأوبك التي ترى بأن هذه المعدلات السعرية تحقق لها الربحية وتدعم نمو الاقتصاد العالمي حيث أنها لا تضر بالدول المستهلكة التي تعتقد بأنها شريك لها بالتنمية ودون انتعاش مرافقها الصناعية فان تجارة النفط لن تتنامى ولن تتوسع الصناعات البترولية والبتروكيماوية. ودفع تراجع أسعار البترول خلال الأسابيع الماضية المستثمرين إلى المتاجرة بالذهب الذي يسجل تناميا في أسعاره حتى بلغ رقما قياسيا عند 1271 دولارا للأوقية وظل يحوم عند هذا المعدل السعري متعززا بالإقبال الذي يشهده من المستثمرين اللائذين به من تذبذب أسعار النفط.