توالت التهديدات الاسرائيلية على لسان كبار قادة الاحتلال العسكريين لمنفذي الهجوم المسلح قرب الخليل، فيما شهدت مناطق عدة من الضفة الغربية اعتداءات واسعة من قبل قطعان المستوطنين الذين انفلتوا من عقالهم انتقاما لقتلى الهجوم. وقال وزير الحرب الاسرائيلي ايهود باراك ان جيشه سيعمل كل ما في وسعه لضمان ان ينال مرتكبو الهجوم جزاءهم بأسرع وقت وللحيلولة دون تطور هذا الحادث الى موجة من العمليات "الارهابية" واحباط نوايا مرتكبي مثل هذه الهجمات تعكير صفو الهدوء النسبي والتشويش على اطلاق المفاوضات المباشرة في واشنطن. وجاءت اقوال باراك في ختام جلسة لتقييم الاوضاع، عقدها بمشاركة رؤساء الجهات الامنية المختصة على مقربة من موقع الهجوم الذي اعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس مسؤوليتها عنه، واسفر عن مصرع اربعة مستوطنين الليلة الماضية. اما زعيمة المعارضة الاسرائيلية تسيفي ليفني فقالت انه يجب عدم السماح لمنظمات "الارهاب" – على حد وصفها- بالتأثير على المفاوضات المباشرة لان هدفهم افشالها قبل ان تبدأ، لذلك فان الرد الامثل على هؤلاء العمل الجاد للتوصل الى سلام نهائي مع الفلسطينيين". بدورهم، انفلت قطعان المستوطنين من عقالهم ونفذوا طيلة ساعات الليلة قبل الماضية ونهار الاربعاء سلسلة من الهجمات التي استهدفت المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم. ووقعت اعنف الاعتداءات في منطقة الخليل، حيث قطع اندفع المستوطنون الى الطرقات واعتدوا على السيارات الفلسطينية. كما هاجم العشرات منهم ظهر امس منزل عائلة فلسطينية تقيم قرب مستوطنة "كريات أربع" شرق الخليل، واعتدوا عليها بالحجارة والزجاجات الفارغة. وذكرت مصادر فلسطينية ان نحو 50 مستوطنا هاجموا منزل يونس إدريس، وألحقوا أضرارا به، واضرموا النار في محيطه قبل ان تقوم قوة من جيش الاحتلال بابعادهم. وشهدت ساعات ليل الثلاثاء ايضا اعتداءات واسعة نفذها قطعان المستوطنين في مناطق شمال الضفة خاصة نابلس، حيث قطعوا الطرق وهاجموا السيارات الفلسطينية بالحجارة على مرأى ومسمع قوات الاحتلال . وصباح الاربعاء اجتاح مئات المستوطنين موقع مستوطنة " حومش" التي اخليت في العام 2005 ضمن خطة شارون لفك الارتباط الاحادي ، مطالبين باعادة اعمار المستوطنة. الى ذلك استغل المستوطنون عملية الخليل لتصعيد مخططاتهم التوسعية والاستيطانية حيث اعلن مجلس المستوطنات في الضفة " يشع" نيته البدء في البناء في كافة مستوطنات الضفة الغربية منذ اليوم الاول من ايلول، وعدم انتظار يوم 26 ايلول والذي ينتهي فيه قرار الحكومة الاسرائيلية القاضي ب"تجميد" الاستيطان. من جهة اخرى، شنت قوات الاحتلال طيلة ساعات الليل عمليات دهم وتفتيش طالت مقر الهلال الأحمر و مستشفى الدكتور وليد للولادة والعديد من منازل المواطنين في بلدة بني نعيم القريبة من موقع الهجوم المسلح، حيث اعتقلت المواطن عايد حسن مناصرة، قبل ان تنسحب من البلدة، وتفرض اغلاقا عليها. واشارت المصادر الفلسطينية الى ان قوات الاحتلال منعت المركبات الفلسطينية من سلوك الطريق رقم 60 الذي وقع عليه الهجوم، وفرضت اجراءات مشددة بالمنطقة. من جهتها اعتقلت الشرطة الفلسطينية ليل الثلاثاء الاربعاء في المناطق الخاضعة لسيطرتها في جنوب الضفة الغربية 55 شخصا من انصار حركة حماس التي تبنت هجوم الخليل، كما اعلن مصدر امني فلسطيني. وفي واشنطن توعد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الثلاثاء بمعاقبة المسؤولين عن سفك "دماء المدنيين الاسرائيليين". وقال ان "سفك دماء المدنيين الاسرائيليين لن يبقى من دون عقاب". ونددت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون بشدة الاربعاء ب"الهجوم الارهابي" مؤكدة ان الاتحاد لن يسمح "لاعداء السلام" في الشرق الاوسط بفرض قانونهم. بدوره حض وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الاربعاء اسرائيل والفلسطينيين على ضبط النفس وعدم الرضوخ ل"استفزازات المتطرفين المعادين للسلام". من جهتها، رأت الصحف الاسرائيلية ان هذا الهجوم يفترض ان يعزز المطالب الامنية لاسرائيل. وكتبت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان "الاعتداء لا يغير شيئا في قمة واشنطن الا انه يعطي وزنا اكبر لمطالب نتانياهو في المجال الامني". واضافت "بعيدا عن مشاعر الاحباط والغضب، الاعتداء يعطي اسرائيل حججا اضافية ويعزز موقفها على صعيد التكتيك". من جهتها كتبت صحيفة "اسرائيل هايوم" المجانية القريبة من رئيس الحكومة "قد يدرك العالم لماذا تتردد اسرائيل في صنع تسويات" عندما يكون امنها في خطر. واكدت صحيفة "هآرتس" اليسارية ان الهجوم "يهدف اولا الى ارباك السلطة الفلسطينية" التي ستبدأ مفاوضات مباشرة مع اسرائيل. واضافت ان "هدف حماس هو تقويض قمة واشنطن والبرهنة على انه لا يمكن التوصل الى اي اتفاق بدونها".