بسببهم اخترعنا وظيفة المعقب! ليقوم هذا الرجل السحري بمتابعة مصالحنا ومعاملاتنا لدى الدوائر الحكومية المختلفة نيابة عنا.. والذي تضطرة لقمة العيش والعمل الشريف أن يتحمل غلاظتهم ونكدهم وتسويفهم وتعطيلهم للعمل ما أمكنهم، وكأن المراجعين مخلوقات تنغص هدوء محيطهم وتكدر صفو أيامهم! ناسين أو متناسين بأن الدولة وظفتهم ليقضوا حوائج الناس وينجزوا معاملاتهم، وتمنحهم أجراً مقابل ذلك.. فهم لايقومون بعملهم لاتطوعاً ولا تفضلاً، بل إن الإخلاص في الأداء واجب عليهم وليس منة منهم. إلا أن بعض المعاملات تستدعي حضورنا الشخصي ولامفر من مقابلة وجوههم المتجهمة (احياناً كثيرة)، فنصدم عند وصولنا! تقابلنا وجوههم الصارمة الخالية من أي بشاشة، وتسلم عليهم فيردون السلام بضيق وملل، يتحدثون معك بنبرة خالية من المودة، نبرة متعالية متغطرسة. يقررون مسبقاً أن لايخدمونك فيبحثون عن شتى الحجج لتعطيل طلبك، تتلفت حولك لتجد أنهم متشاغلون بدون شغل! تحاججهم لمعرفتك ووعيك بحقوقك، فيضيقون بك، يديرون لك ظهورهم معلنين لك انتهاء النقاش حسب مايرونه، وأنه غير مرحب بك وعليك المغادرة! وهذا بالضبط ماشهدته لطلبي بطاقة أحوال شخصية جديدة! وبالمقارنة عند طلب حضوري الشخصي لتقديم تأشيرة لدخول بريطانيا. فعندما دخلت المكتب شعرت أني في بريطانيا، مكتب لا يمت بصلة للعالم الثالث! الموظفات مبتسمات بشوشات يعملن بجدية ومنتهى المهنية، همهن إنجاز معاملتك والانتقال لمن يليك، فلا تعطيل ولا تسويف ولا مناقشات ولامهاترات! وطبعاً هنا لابد وأن أذكر أن خاذلي السلطان في كل العالم يتسمون بنفس الصفات، ولديهم نفس الأخلاقيات والأساليب. لكن السفارة البريطانية حرصاً على سمعتها، تعاقدت مع شركة من القطاع الخاص للقيام بمهمة إصدار تأشيرات الدخول لبريطانيا، ولهذا السبب تجد الاختلاف في التعامل ومستوى المهنية. لذا أقترح أن تتعاقد القطاعات الحكومية لدينا مع شركات القطاع الخاص لتقديم الخدمات للمواطنين، فالقطاع الخاص أعلى مهنية وأكثر إنتاجية، وأقدر في اختيار الموظفين وتدريبهم ومحاسبتهم. وتكتفي الحكومة برسم السياسات وسن الأنظمة والقوانين، والإشراف والرقابة. كما أني لا أعمم، فقد تعاملت مع قطاعات حكومية كأمانة مدينة الرياض، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وكان المسؤولون فيها غاية في المهنية والتعاون، ولابد أن هناك أمثالهم في الدوائر الحكومية الأخرى.