بمجرد معرفتك أن معاملتك تقيم في دائرة حكومية لإنجازها .. يتبادر فوراً إلى ذهنك الانتظار ثم الانتظار ثم التأخير أو الغياب عن العمل أو المدرسة أو الجامعة .. أما المشكلة الأزلية الأخرى التي هي من قبل ومن بعد .. فهي البحث عن موقف لسيارتك ..!! اقترن اسم أي معاملة بعدد من المراجعات ذهاباً وإياباً وإحراجاً ؛ خاصة فيما يتعلق بأمور المعاملات القضائية التي تتطلب إحضار الشهود والمعرفين .. علينا أن لا ننسى أن كل سيدة غالباً ما يرافقها ثلاثة رجال ( اثنان معرّفان وسائق) ..!!! لذلك لا غرابة من زحام تلك المباني بعدد كبير من البشر وغيابهم عن أعمالهم ومشاغلهم ..! بكل يسر وسهولة تتعطل معاملة ما لإجراء يسير من الممكن أن يتم من خلال استخدام أجهزة الكمبيوتر فتجد الموظف يناولك المعاملة ... اذهب إلى المكان الفلاني .. راجع الدائرة الفلانية ... أحضر الورقة العلانية .... ويبقى المراجع يناطح طوال يومه مسارات الزحام واختناقات الطرق لاسيما في مدينة تعتبر في مساحتها قارة وغالباً ما تكون تلك " التعطيلات " وقت الذروة . الانتظار لأربع أو خمس ساعات من الأمور المسلّم بها في أي دائرة حكومية وكوننا اعتدنا هذه المعاناة واستسلمنا لها إجباراً لا بطولة ؛ لا يعني أن الوضع طبيعي ..! نحمل أجهزة الحاسوب أينما حللنا بل وأصبحت الآن في جيوبنا .. ونعجز عن تنظيم حياتنا .. !! نعجز عن الحصول على موعد لدى أي دائرة حكومية من خلال النت بدل الحضور من ساعات الصباح الأولى والجلوس أمام بوابة الدخول أملاً بانتهاء المعاملة قبل ساعات من الوقت المتوقع .... المتوقع لدى من ؟؟ لدى ما اعتدناه من تأخير وتعطيل ومماطلة وسوء تنظيم لا يتطلب أكثر من تسخير التقنيات الحديثة في التسهيل على الناس أمور دنياهم التي فيها معاشهم وصحة نفوسهم وأبدانهم .. ماالذي يمنع العمل على فترتين بدل الفترة الواحدة لتلك الدوائر لتتناسب مع ظروف الناس وأحوالهم ؟ ماالذي يمنع الحصول على موعد مسبق من خلال موقع تلك الدائرة لتوفير الوقت والجهد ؟ ماالذي يمنع ترابط الجهات المعنية من خلال شبكة خاصة توفر على المراجع قطع المسافات الطويلة بضغطة زر ..؟ ما الذي يمنع اللجوء لأصحاب التخصص من المخططين والمهندسين لتنظيم العمل وتسهيل الإجراءات التي تبدأ بجهل الكثير من المراجعين والمراجعات عن المطلوب من ثبوتيات .. فتكاد لا تسمع داخل تلك الدوائر غير تساؤلات واستفهام الناس فيما بينهم عن آلية سير المعاملة .. في حين يرى المراجع على لوحة معلقة على جدران الدائرة الحكومية وقد خطت بعض التعليمات والأوراق المطلوبة ؛ غير أنها كتبت بطريقة معقدة وبمصطلحات تخصصية أعتقد أنها غير مفهومة للعامة ...!! ما أود قوله هو أننا كمواطنين نعاني الأمرّين في انجاز أي معاملة بسبب بدائية التنظيم وأعتقد أن الموظفين أيضاً يعانون من جهل المواطنين في الآلية المطلوبة لإنجاز معاملاتهم والسبب الوحيد في الجهود المهدرة لكل الأطراف هو محدودية التعامل مع التقنيات الحديثة في ظل صغر المكان وضيق الوقت والزمان وزيادة احتياجات الأنام ..