الكيمياء من العلوم الأساسية والمتطورة، والتي تعنى بشكل رئيس بدراسة العناصر ومركباتها، والتي تفتح آفاقاً واسعة في تطور الصناعة والزراعة والطب والصيدلة وغيرها من العلوم التطبيقية والتقنية. ومن الإنجازات التي تمت في نهاية القرن العشرين ظهور علم جديد هو كيمياء الفيمتو، ويتلخص هذا العلم في دراسة ورؤية الكيفية التي تتحرك بها الذرات داخل الجزيئات خلال التفاعل الكيميائي بواسطة تقنية الليزر السريعة عن طريق معيار أو مقياس جديد هو الفيمتو ثانية. ويعد العالم المصري البروفيسور أحمد زويل هو أول من أدخل هذا العلم الجديد إلى فضاء العلوم الجديدة، حيث أمكن لأول مرة في التاريخ متابعة ومراقبة ورؤية الجزيئات، وبالتالي فتح الباب لثورة علمية جديدة. ويأتي هذا العلم الجديد متوافقاً مع اهتمام العلم بالتعامل مع تقنية النانو، وهي إحدى التقنيات الواعدة في القرن الحادي والعشرين. وقد بدأ البروفيسور أحمد زويل في الوصول إلى هذا العلم الجديد من خلال معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا مع مجموعته البحثية الكبيرة في عام 1979م. وفي عام 1990 نشرت مجلة العلم الأمريكية مقالة له بعنوان (ميلاد الجزيئات) والتي عرض فيها ملامح ذلك العلم الجديد: كيمياء الفيمتو. وباستخدام أشعة الليزر وكاميرا متطورة ودقيقة جداً تمكن البروفيسور زويل من تصوير ما يجري من تفاعل كيميائي بين الجزيئات في زمن قياسي جداً هو الفيمتوثانية. وتساوي الفيمتوثانية واحداً على مليون من البليون من الثانية. ونسبة هذه المدة من الثانية تعادل من الناحية الجيولوجية حوالي 32:1 مليون عام. وقد تمكن العالم أحمد زويل ومجموعته البحثية من تصوير الجزيء كصورة مجسمة بأبعادها الثلاثة، وليس ببعد واحد فقط. ولكيمياء الفيمتو العديد من التطبيقات الكثيرة ومنها رصد شيخوخة الخلايا والتعرف على حدوثها، وإمكانية تأخير أو إيقاف زحفها في الإنسان، واكتشاف الأخطاء في الهندسة الوراثية قبل ظهورها. ويقول البروفيسور أحمد زويل: إن ما توصلت إليه هو تصوير حركة الجزيء، وهذا يفتح مجالات كثيرة في الكيمياء والطب والصناعة والزراعة، وهو اكتشاف يمكن أن نعالج به بعض الأمراض الخطيرة مثل السرطان والسكري والشلل، لأننا يمكن أن نصور الخلايا الموجودة في جسم الإنسان، ونعرف إمكانية إصابة الجسم بمرض معين عن طريق التعرف على أخطاء الخلية. وباستخدام زمن الفيمتو وأشعة الليزر يمكن إجراء بعض العمليات الجراحية. وهناك كثير من التطبيقات الجديدة لهذا العلم الجديد وتشمل علوم الفضاء والاتصالات والالكترونيات والزراعة والصيدلة وغيرها. إنه علم جديد يفتتح به زويل عالماً جديداً من التطبيقات الرائعة، مؤكداً للعالم أجمع بأن العبقرية العربية والإسلامية لا تزال تومض وتشع من أجل إسعاد البشرية، ونشر العدل والمحبة والسلام ....