لا يحتاج مجمع الملك سعود للأمراض الصدرية إلى زيارة مفاجئة للوقوف على مدى تردي الأحوال فيه، حيث إن الكثير من الخدمات والأقسام وما تحتويه من كوادر وأجهزة طبية تبدو عصية على الإصلاح حتى لو ابلغ منسوبو المستشفى بالزيارة قبل شهر من تاريخها! فبعد أن كثرت شكاوى المواطنين من نقص الكثير من الأدوية والأدوات بالعيادات الخارجية للأمراض الصدرية وطول مدة المواعيد فضلا عن سوء تعامل طاقم التمريض، وارتفاع عدد المطالبين بالتحقق من هذه القضية كان لابد من التحري وبدقة حول أبعادها على أرض الواقع، وفعلا قمنا بزيارة للمستشفى كشفت لنا صحة ما وصلنا من اتصالات وزاد عليها ما رصدناه فعليا على لسان المراجعين أنفسهم. وقالت لولوه علي – 26 عاما – وهي إحدى مراجعات المستشفى اضطراريا لطلب فحص طبي بغرض استكمال استمارة الالتحاق بإحدى الوظائف الحكومية « تطلب التحاقي بالوظيفة إحضار فحص طبي يثبت لياقتي الصحية، ولكن صدمت من طريقة سحب الممرضة للدم والذي يتم عبر نافذة حديدية ليس بها إلا فتحة صغيرة بالكاد تكفي لإدخال يدي فيما العلب الباقية تتزاحم أمام النافذة بعيدا عن أي احتراز وقائي لمنع تناقل الجراثيم من تلك العينات في حال وجودها، فضلا عن دورات المياه المزرية التي أشبه ما تكون بدورات مياه داخل إحدى محطات تزويد الوقود على أحد طرق السفر وليست بداخل مستشفى حكومي». «حقوق الإنسان»: الوضع بالمجمع غير مقبول وعلى«الصحة» التحرك حيال ذلك ويبدو أن إصابة المرضى والمراجعين بالعدوى هو آخر اهتمام مسئولي المستشفى كما تبين من مريضة الربو تهاني - 35 عاما - التي تقول إنها أصيبت بجرثومة الدم جراء استعمال الممرضات للدبابيس لتحليل السكر عوضا عن إبرة التحليل العادية، وبسؤال إحدى الممرضات أفادت بأن وزارة الصحة لم توفر إبر تحليل السكر للمجمع، فمنذ أكثر من أسبوع بالعناية لم تحضر أي ممرضة لتعقيم المكان أو مسحه، كما أن مفرش السرير لم يغير منذ المريضة السابقة وقد تغير لونه من الأتربة والأدوية وعندما طلبت تغييره لم يعرها أحد بالا مما اضطرها إلى جلب فراش لها نظيف من منزلها! واستاءت أخرى من عدم وجود منبه لنداء الممرضات وقت حاجة المريض لهن وأثناء أزمات الربو المفاجئة التي تنتابهم وأنه لولا وجود المرافق الذي يقوم بمهمة المنبه لاختنق المريض، كما أنه لا يتم توفير المناديل الورقية ولا أكواب بلاستيك للشرب إضافة على سوء الطعام المقدم للمرضى فللأسف لا تتوفر خدمات تليق بمجمع طبي حكومي بالمملكة. الأجهزة الطبية فوق ثلاجة غرف أحد المرضى ومن المشاهد التي يرويها المرضى « وشاهدتها الرياض « تناثر خصلات شعر العاملات بكل مكان، كما أن سلة المهملات لا يتم إفراغها إلا إذا طلب المريض، ناهيك عن دورات المياه لا يتم غسلها إلا من خلال كب عبوات المياه التي تحول لونها من شدة اتساخها. وتزيد إحدى المنومات بقسم العناية المركزة أن الطبيبة المشرفة عليها أخبرتها بأنها لم تتقدم من خلال العلاج بسبب المكيف الذي ينفث الأتربة باتجاه المرضى والذي يتم إطفاؤه عن المرضى من الساعة الواحدة ليلا وحتى السادسة صباحا مما يتيح للذباب والحشرات الطائرة والزاحفة فرصة التكاثر في هذه الأجواء الحارة جداً، كما يجتمع جميع مرضى الصدرية بغرفة واحدة رغم تفاوت الحالات بعيدا عن أي احتياطات وقائية من خطر العدوى. ويشتكي العديد من المرضى من شدة إزعاج الممرضات المستمر وتشغيل الموسيقى ليلا والضحك المستمر في أروقة المستشفى إضافة إلى سوء تعاملهن وعدم اهتمامهن بمواعيد الأدوية التي يرمينها بحضن المريض دون التأكد من أن يكون تناولها أولا، وكذلك الأوكسجين الذي يطلبن من المريض تركيبه وإغلاقه بنفسه في حال نفاد المحلول. أفياش احد ممرات قسم التنويم ومدى سوئها متجل ومن الملاحظات أيضا عدم وجود استعلامات في المجمع تتيح للمريض طلب أرقام تحويلات الممرضات، كما قالت إحداهن إنها من الساعة الثانية ظهرا وحتى الخامسة عصرا وهي تنتظر أي ممرضة لترفع عنها المحلول كي تقضي حاجتها وعندما رفعته عنها تركت الأنبوب مفتوحا مما جعل الهواء يدخل ليدها ويتسبب لها في انتفاخ. كما اشتكى آخرون من عدم توفر العديد من الأدوية في صيدلية المستشفى مما يضطر المريض لشرائه من خارج المجمع ملقين اللوم على عدم توفيرها من قبل وزارة الصحة التي يطالبها المراجعون والمرضى بالنظر في حال المجمع. من جهتها عقبت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أنها سبق وأن رصدت تردي الأوضاع بمجمع الملك سعود الطبي للأمراض الصدرية وأن الوضع هناك مزر وغير مبرر ، كما أنها دعت وزارة الصحة للتدخل الفوري ودعم المجمع بالكوادر الطبية والإمكانات المادية والبشرية. وشددت الجمعية على أن الوضع الحالي غير مقبول وعلى وزارة الصحة التحرك حيال هذا الواقع لمعالجته ومعالجة السلبيات التي يتم رصدها من خلال الجمعية. دورات المياه متهالكة