دعوني أُحسن الظن بمن ارتضوا بالإقامة بفنادق وشقق مكةالمكرمة الفاخرة ( 4000 ريال ليلة واحدة فما فوق ) بأنهم لم ينسوا قوائم فقراء ديرتهم ممن لا يجدون عيشهم الضروري . قوائم أسعار الإقامة في مكةالمكرمة في الشهر الكريم أكبر وأكثر من المعقول . وقد ارتفعت حسب أيام الأسبوع وحسب دخول المُعتمر في مجال العشر الأواخر . وإن شاء الله عمرة مقبولة لمن استطاع توفير هذه المبالغ التي عجزت شخصيا عن أن أتصور صوابها ناهيك عن اعتدالها . ولم يتوقف الغلاء بالمنطقة على المواد الغذائية واحتياجات الأسر بل امتد ليصل إلى الفنادق والشقق المفروشة المجاورة للمسجد الحرام حيث لم يعد بمقدور الزائر والمعتمر بأن يحصلا على غرفة بأسعار زهيدة كما كان الوضع خلال الأشهر الماضية فقد ارتفعت الأسعار بشكل جنوني وكسرت أسعار بعض الغرف البعيدة عن الحرم حاجز الألف لليوم الواحد وتنطبق الحال ذاتها على الشقق السكنية التي لوح ملاكها بإغلاقها منذ وقت مبكر بحجوزات مبكرة وتعاقدات أبرمت قبل رمضان . وليس من مسوغات قبول العمرة أو تمامها أن يسكن المعتمر في وحدة تُطل شرفاتها على ساحات الحرم المكي الشريف . والعمرة تظل تامة ومقبولة إن شاء الله بالطواف والسعي . وهذا لا يأخذ من المعتمر أكثر من ساعات معدودة . أفهم أن عوامل العرض والطلب وحالة السوق والإدارة والمصاريف وعامل الربح تدعو أصحاب الوحدات من فنادق وشقق إلى طلب تلك الأسعار العالية ، وأن المعتمر المقتدر يستطيع الدفع . لكنني بذات الوقت أرجو أن يكون خصص حصة من ذلك الاقتدار للبحث عن ذوي الحاجة الذين يأتي مع إسعادهم الأجر والثواب مثلما يأتي مع العمرة . وسيعرقل هذا الغلاء على الكثير من الناس الذين يرغبون في أداء العمرة بسبب أوضاعهم الاقتصادية ، وقد تقتصر العمرة والحج في أعقاب الغلاء على الأغنياء فقط . تجربة الذين توجهوا إلى جدة أو الطائف وذهبوا إلى مكةالمكرمة وأخذوا العمرة وصلّوا بعض الفروض ثم عادوا إلى سكناهم ، يقولون إنهم وجدوا ذلك أنسب من الإقامة لمدة طويلة في فنادق وأبراج باهظة التكاليف . غير أن البعض يتردد في قبول الأمور المتواضعة ويُصر على المباهاة حتى في الأعمال التطوعية .