اين ذهبتْ قدسية رمضان في نفوس الناس ؟!. لقد بحثتُ عن ذلك التعظيم وعن تلك الجلالة وعن تلك القداسة التي كنا نراها ونحسها ايام زمان فنتعامل معها منذ الليلة الاولى من ليالي رمضان. اما الان فقد رأيت قدسية رمضان قد انحصرت في استقبال رمضان ذلك الضيف الكريم بانواع المآكل والمشارب، ولاحظوا الهروب من الواقع المر بأننا اسميناه ضيفا مع اننا نحن من سيأكل الطعام كله وما هو الا ذريعة للاسراف والتبذير!!. ورأيتُ قدسية رمضان قد اختصرت في السهر الطويل وكثرة الاجتماعات والمشاهدات للمسلسلات والمسابقات حتى أذان الفجر!!. ورأيت قدسية رمضان قد تجلت في الخروج للاسواق واستنزاف جيوب الآباء والازواج بالحاجات ومازاد على الحاجات!!. أسأل الله الكريم أن يجعلنا ممن يعطي أيام هذا الشهر حقها من التبجيل والاحترام والمكانة، تلك المكانة التي بدأنا نفقدها في أنفسنا بسبب الانشغال بالحياة من حولنا حتى إننا لم نعد نستطيع أن ننقل هذا الاحترام والتقديس إلى نفوس أطفالنا. بعض الآباء الحريصين يحاول ما استطاع أن يظهر أمام أبنائه تلك التصرفات والسلوكيات التي تزيد من الاحترام لقدسية شهر رمضان والأبناء سرعان ما يتأثرون بذلك ويستفيدون منه. فتجدهم يتحدثون مع ابنائهم حول مكانة هذا الشهر وتميزه عن باقي أشهر السنة حيث انه شهر القرآن الذي نزل فيه، وفيه يتضاعف الأجر والثواب، والذكي هو الذي يستطيع ان يستغل كل لحظة من لحظاته في ذكر الله، وتلاوة القرآن. كما أن مكانة هذا الشهر تظهر في السلوكيات اليومية للأسرة والتي منها ما يكون بتجهيز المصاحف لشحذ هممهم لتلاوة القرآن، وعقد مسابقات بين الاخوة في ختم القرآن لتجعل هناك نوعا من المنافسة الشريفة بين الإخوة في التسابق لفعل الخيرات، وتزيد في تعظيم مكانة شهر رمضان عند الأطفال. ومن المستحسن ان لا يترك الطفل الصغير الصيام، وإنما ندفعه ونشجعه على صيام بعض اليوم ليبدأ بالتعود على الصيام واستشعار لذة الصوم، وأن يكون هناك تشجيع فعلي أمام باقي افراد الأسرة له وعن مدى قدرته وقوته على تحمل الصيام، كما يفضل أن لا يتمتع الطفل ببعض الأطعمة الخاصة بوجبة الإفطار كالسمبوسك، واللقيمات، وعصير التوت... وغيرها، حتى يحين موعد الافطار وتلتف العائلة حول سفرة الإفطار ليكون في ذلك حافز له على الصيام. وفي حالة جوع الطفل قبل الإفطار يمكن إعطاؤه وجبة عادية خارجة عن صفة الوجبات المميزة للإفطار ويشترط ان تكون هذه الوجبة بعيدة عن انظار اخوانه الصائمين احتراماً لمشاعرهم. كما يستحسن حث الطفل على إخراج الصدقة وتعويده على العطاء والمساعدة للمحتاجين لينمي ذلك مبدأ التكافل الاجتماعي في نفس الطفل.. (وللحديث بقية)