ما تقوم به أمانة مدينة الرياض بدمج التخطيط والتنفيذ في إنشاء الحدائق وتزيين الميادين، ومراقبة النظافة والإشراف على المطاعم والأسواق، يعتبر عملاً نموذجياً في مدينة تعد باتساعها عدة مدن، ولا أعتقد أن من يقومون بهذه المشاريع يفتقدون الحس الجمالي، وخاصة في واجهات المدينة ومداخلها وميادينها.. وحتى لا ندخل في مشكلة المجسّمات لذوي الأرواح، فإن تراث مدينة الرياض التي شملت الحرف القديمة، وكل محيطها العمراني والبيئي، أن لا تشكّل تلك السمات أعمالاً جمالية، وخاصة في الميادين التي تظل المشهد العام، وحتى مداخل ومخارج الطرق والمطار.. لدينا عشرات الفنانين التشكيليين والمثّالين، وهم من صلب بيئتنا العامة، يمكن الاستعانة بهم، سواء من خلال اجتماع يطرحون تصوراتهم الفنية، أو إجراء مسابقات على أفضل الأعمال، وقد تتسع الرؤية لاستلهام الأعمال الإسلامية والعربية، وتوظيفها في أعمال تدخل في خصوصيتنا، وحتى الأسطورة يمكن توظيفها في عمل إبداعي، إذ إن هناك علاقة جدلية بين الإنسان ومحيطه الحسي والعقلي ما يجعل الفن وظيفة ترقى بالذوق العام.. لقد بهرتني جماليات حدائق وشوارع جامعة الملك عبدالله (كوست) بتوظيف الحجر في تشكيلات فنية لا تجدها في مدننا وساحاتنا، وأن فرادة هذا العمل أضفت على المكان تشكيلاً مثيراً، ولا أعتقد أنه يستحيل إعادة مثل هذا العمل الذي يخلو من أي تصوير لذوي الأرواح.. الرياض عاصمة كبرى، تحتاج بجانب شبابها وتخطيطها، إلى لمسات جمالية، يمكن حتى للمهندسين ومن له اهتمامات في الإبداع الفني أن يساهموا لتصبح جزءاً من شخصية المدينة وتراثها.. لقد تمثل عباقرة الفن العالمي باستغلال خيالاتهم وفضاءاتهم الفنية وأصبحوا أهم تراث للمدن والمتاحف، مما جعل السائح المتذوق يذهب إلى تأمل تلك الإبداعات، وإضافتها لتذوقه ومعارفه بسر تلك العبقرية، وأعتقد، أنه حتى لو لم نصل إلى تلك الكفاءات النادرة، إلا أن مصادر طبيعتنا، وفنانينا لديهم القدرة على الخلق والإبداع في هذا المحيط، ثم إن أي نصب تاريخي يحمل مضامين جديدة تاريخية واجتماعية سيضع المبدع أمام اسم باق، وهي فرصة نعتقد أن الجميع سيستجيبون لها، ونذكر على سبيل المثال أن فنانين عرباً مثل محمود مختار صاحب تمثال نهضة مصر في القاهرة والذي اعتبر من الأعمال العالمية الكبرى، وكذلك نصب الحرية للفنان العالمي جواد سليم والذي اشترك معه في العمل شاكر آل سعيد الفنان التشكيلي، والمعماري رفعت الجادرجي ، والنحات غني حكمت، أي أن العمل جاء جماعياً، وهو ما يمكن أن يضع فنانينا على نفس الاتجاه حتى لو جاءت أعمالهم دون مستوى شهرة غيرهم ولكنها ستكون جزءاً من هوية مدينة الرياض ومعالمها..