هو الفن التشكيلي بكل أبعاده وجماليته.. هو الفن التشكيلي بكل جاذبيته وحيويته، هو الفن “المتغلغل” في كل تفاصيل الحياة.. هو الجمال بكل بهائه وعذوبته، هذا الجمال المتمكن في أعماق النفس البشرية والتي فطرت على حب الجمال.. أجل من منّا لا يعشق الجمال ولا يطرب لحضوره..!! أعود للفن التشكيلي والذي هو “صلب” الجمال وعموده الفقري.. يحدث ذلك متى ما وُظّف هذا الفن وطُوّعت معطياته ومنجزاته لخدمة الإنسان في كل وظائف حياته.. في الكثير من بلدان ودول الأرض يتم التعامل مع الفن التشكيلي كوسيلة (مهمة) للجمال، وبالفعل تم توظيفه بشكل مثالي في كل مفاصل وجزئيات المدن، حيث تم الاعتماد بشكل كبير على المجسمات الجمالية و“المنحوتات” أيًا كانت المواد وبالتالي أصبحنا نشاهد مجسمات ومنحوتات جمالية وقد زرعت في ميادين وتقاطعات وزوايا وحدائق ومنعطفات بعض الطرق في دول عدة.. مما أوجد لمسة جمالية عالية الذوق ساهمت في إشاعة الجمال في هذه الفضاءات المسكونة بالصمت.. في وطننا الغالي لا تزال الحكاية تأتي على استحياء؛ وإن جاءت فهي تأتي من خلال طرح عشوائي مكرر العناصر يفتقد للدقة وجودة التنفيذ عدا ما تقوم به أمانة محافظة جدة من اجتهادات في هذا الجانب محققة بذلك سبقًا جماليًا مميزًا.. بقية مناطق ومحافظات الوطن لا تزال لا تعير هذا المطلب الحيوي المعاصر أدنى اهتمام عدا بعض الاجتهادات “من غير المختصين”، والتي تأتي في الغالب على شكل شلالات مائية وأدوات وعناصر وأشكال تميل للتراث لكنها مكررة وسيئة التنفيذ والموقع مما يجعل ضررها أكثر من نفعها، بل إن بعضًا منها ينطبق عليها المثل الشعبي الدارج (جاء يكحلها عماها)، ومع احترامي وتقديري لاجتهادات الكل إلا أن مدننا تظل بحاجة ماسة إلى لمسات جمالية تشيع الحيوية في مناطق وزوايا خاملة تنتظر “الإنعاش”.. أتمنى ويتمنى معي الكثير أن تعي أمانات وبلديات المدن والمحافظات أهمية الجمال وإشاعته وأن تعمل على مد جسور التعاون مع الفنانين التشكيليين وهم الأقرب من خلال حسهم الفني ومواهبهم وبما يملكونه من أبعاد فنية وتقنية تعين الأقسام الهندسية والفنية على تبادل الأفكار والخبرة بما يحقق الأهداف الجمالية المنشودة.. وكان بودي لو أن أمانة مدينة الرياض بادرت إلى تكوين لجنة فنية جمالية مختصة تتولى هذا الجانب، وقد أوردت الرياض كمثال كونها العاصمة وكونها أيضًا الأكثر حاجة إلى مثل هذا النوع من المشاهد والمعطيات الجمالية في ظل هذه النقلة الهائلة في مجال البناء والعمارة.. للجميع مودتي.