ما سيخصص لتنمية قطاع الموارد البشرية في خطة التنمية التاسعة التي أقرها مجلس الوزراء في جلسة الأسبوع الماضي بعد أن تم التصويت عليها في مجلس الشورى من قبل، وبما يزيد عن سبعمائة مليار ريال، أو ما يمثل 50% مما تم تقديره لتكاليف هذه الخطة، التي تمتد للفترة من 2010 – 2014م، وتشمل مختلف قطاعات التعليم والتدريب، كان منطلقاً دون أدنى شك من رصد وتحليل لواقع هذا القطاع، والتنبؤ بما سيؤول إليه من مستقبل غير محمود لو استمر هذا الواقع على معدلاته الحالية، حيث توضح البيانات الأولية عن التعداد العام للسكان التي كشف عنها في الأسبوع الذي سبق إقرار الخطة، أن نسبة المقيمين للعمل في المملكة تجاوزت 31% من إجمالي السكان من المواطنين والمقيمين، بما يصل قدره إلى أكثر من 8.4 ملايين نسمة، وهذه النسبة تعتبر مرتفعة بلا شك، يزيد من خطورتها أن القوى العاملة من ذلك العدد من المقيمين تتجاوز 4.4 ملايين فرد، تفوق في الوقت ذاته قوى العمل من المواطنين التي تبلغ نحو 4.2 ملايين فرد، كما أن تلك القوى العاملة المقيمة تمثل تقريباً 50% من إجمالي السكان غير السعوديين في المملكة، مما يعتبر أن من تتم إعالتهم من قبل قوى العمل غير السعودية هم عبء تنموي على كافة قطاعات الخدمات في المملكة من صحة وتعليم وإسكان وغيرها، ومرافق عامة من مياه وكهرباء وطرق ونحوها. بل الأكثر تكلفة من ذلك هو ما تقتطعه تلك القوى العاملة الوافدة من مواردنا المالية، وما يتم تحويله سنوياً من مبالغ لبلدانهم، نتيجة لتجاوزهم نسبة 50% من قوى العمل في المملكة، بينما لا يمثلون إلا حوالي الثلث من إجمالي السكان، فقد تنامت تحويلات قوى العمل الوافدة خلال السنوات الماضية لتتجاوز في عام 2009م 94 مليار ريال، بمتوسط يفوق العشرين ألف ريال سنوياً لكل فرد من قوى العمل المقيمة لدينا في المملكة، فإذا اعتبرنا أن تلك المبالغ التي يتم تحويلها سنوياً من هؤلاء العاملين الوافدين تمثل مدخراتهم السنوية، وبنسبة لا تقل عن 20% من دخولهم، فهذا يكشف لنا حجم ما تقتطعه قوى العمل غير المواطنة من مواردنا المالية، والتي ربما تصل إلى نحو نصف تريليون من الريالات. إن أبعاد تلك القضية لعدد المقيمين لدينا في المملكة، بمختلف جوانبها، سواء ما كان متعلقاً بالفئة المنتجة والمستهلكة منها، أو ما تشغله قوى العمل الوافدة من وظائف قائمة بالفعل، وبالذات في القطاع الخاص، أو ما تمتصه من موارد مالية وتحوله من مدخرات لخارج المملكة، تظهر بالفعل أهمية الاستثمار في مواردنا البشرية الشابة، الحالية أو التي ستأتي لسوق العمل في المستقبل، ليتم إحلالها خلال سنوات الخطة في جزء جوهري على الأقل من الوظائف التي يشغلها وافدون، وبالذات في نشاط تجارة الجملة والتجزئة، التي يعمل بها ما يزيد عن مليون مقيم أو ما يمثل 26% من قوى العمل الوافدة، والتي لن يقتطع تدريبها وتأهليها جزءاً كبيراً مما سيخصص في تلك الخطة من تكاليف، وذلك لكي تستوعب بحد أدنى النصف مليون عاطل عن العمل من السعوديين في الوقت الحاضر.