لا اعلم لماذا تذكرت بعد تداول سهم المعرفة وانحدار سعره عن قيمة الاكتتاب الى (9) ريالات سند الإيصال "ريال فلسطين" الذي سُلم لنا بالمرحلة الابتدائية لقاء تلبية الواجب الوطني للتبرع لنضعه بجيوبنا يومها وكأنه عملة نقدية، فانخفاض السعر وبتلك الكميات الكبيرة أعطانا مفهوما غريبا بأن طرح الاكتتابات لدينا تحول إلى حملة شعبية لجمع التبرعات لإخواننا ملاك الشركات! فالمواطن سارع بالاكتتاب في الشركات الجديدة - سواء بعلاوة إصدار او بدونها - ليبيع فور التداول بخسارة كبيرة وكأنه تبرع ببعض ماله لمساعدة ملاك الشركات وهو واقع نشاهده يوميا بشاشة تداول ولعدة شركات! وبعيدا عن جدوى الاستثمار بالمدن الجديدة - التي ذكر محافظ هيئة الاستثمار في محاضرة ببريطانيا بان مدينة الملك عبدالله الاقتصادية تجربة اختبارية وأنه في حال فشلها فالضرر محدود!! - فالمؤسف أن المكتتبين بأسهم شركة المعرفة دفعوا ثمن التوقيت السيئ للاكتتاب والتداول على أسهم الشركة التي ستبدأ في إنشاء مدينة اقتصادية خلال أزمة عالمية ضغطت بشكل كبير على الشركات والبنوك والمستثمرين وفي سوق يعاني من فقدان الثقة وانخفاض السيولة ورغبة معظم المكتتبين بشركاته الجديدة بالبيع الفوري وبأي ربح، وهو ما يؤكد بأن الاكتتابات ليست فرصا استثمارية للمواطنين بل انها رفعت حدة المضاربات التي يخسر فيه المكتتب وليس المضارب، والمهم أنه على الرغم من أن شركة إعمار بدأت قبل سنوات في إنشاء البنية التحتية لمدينة اقتصادية وحصلت على رعاية ودعم مالي كبير من الدولة والجهات الحكومية وغيرها ذات العلاقة لإيصال الخدمات لها وأنجزت مراحل عديدة بمشاريعها، إلا أن سعر سهمها ما زال قرب ال(8) ريالات أي أقل من قيمة الاكتتاب، وبالتالي كان واضحا أن هناك مشكلة ستحدث لسهم شركة المعرفة حتى وإن اختلف موقعها وتخصصها، لأن المستثمرين يهتمون بجدوى الاستثمار ومقدار وتوقيت العائد وهو ما يفسر عدم ارتفاع سعر إعمار بعد الاكتتاب بالمعرفة! فالسوق به أسهم شركات قائمة وتوزع أرباحا، أسعارها قرب او اقل من سعر الاكتتاب! وكان يمكن للشركة البدء بالعمل ولو جزئيا على ان يتم بعد تحسن الظروف طرح الاكتتاب للمحافظة على مصلحة المكتتبين! أما ما يقال عن نسب التغطية التي تعلن بالاكتتابات كدليل على توفر السيولة والرغبة في الاستثمار بها، فان هذا الأمر غير دقيق ولا يتفق مع تنافس المستثمرين، لكوننا نرى في بداية التداول من يعرض كميات ضخمة للبيع بأقل من قيمة الاكتتاب ويستمر ذلك لسنوات فأين المستثمرون عن تلك الكميات المعروضة أم أن الأمر فقط مضاربة من شخص او صندوق؟ وكما كان توقيت الاكتتاب بشركة المعرفة لم يكن موفقا فإن الضرر الأكبر كان في توقيت التداول على أسهم المعرفة الذي تأخر لما يقارب الشهرين ليحدد موعده قبل يومين من التداول على أسهم اسمنت الجوف التي لم يمض على الاكتتاب بأسهمها أسبوعين ليصبح هذا الموعد ك"ضربة مزدوجة" للمكتتبين بالشركتين، فعلاوة على حاجة المضاربين لتوفير سيولة لشراء أسهم الاكتتاب في كلا الشركتين فإن الذي يظهر أن هناك ضغطا متعمدا قد حدث على أسهم شركة المعرفة بهدف الضغط نفسيا على المكتتبين بأسهم اسمنت الجوف للبيع مع بداية التداول بأقل سعر ممكن وهو ما حدث فعلا لسهم شركة بدأت بالإنتاج فعلياً! فهل يقاس نجاح الاكتتابات بحجم التغطية أم بما يحدث بالتداول؟ فالواقع حاليا يؤكد بأن المكتتبين يبيعون أسهما مُكتتبا بها (وليست مشتراة بالمضاربات) بأقل من قيمتها التي دفعت لملاك الشركات وبنسب كبيرة تجاوزت في بعضها ال(70%) ليخسر المكتتب الفرق من ماله مقابل حصوله على إيصال استلام الاكتتاب او "التبرع" كما هو واقع الحال! وهو ما يستوجب على هيئة السوق بأن تراعي توقيت الاكتتاب والتداول ومناسبته لأوضاع السوق على ألا ينحصر اهتمامها بنسبة التغطية وقيمة المبالغ التي تحصل عليها الشركات أو ملاكها وتهمل مصلحة من دفع تلك المبالغ التي تُعنى الهيئة بهم، لكون استمرار بيع المكتتبين بخسارة سيجبرهم على التوقف عن الاكتتاب مما يؤثر على اكتتابات قادمة ولشركات استثمارية وليست ورقية!