الكتابة علاقة اتصالية بين طرفين .. الكاتب والقارئ .. وهناك كاتب ممل لا تضطر للقراءة له .. ولكن ما الحيلة حين يكون القارئ مملا .. حينها لا يملك الكاتب حولا ولا قوة .. ولأن الكاتب يكتب للناس جميعا .. ولا يختار قرائه .. فبالتأكيد فليس الجميع من القراء على درجة واحدة من التساوي في استيعاب المعاني التي يريد الكاتب أن يشير لها .. وأحيانا تكون بطريقة غير مباشرة .. هناك قارئ مجتهد ودؤوب وقارئ كسول .. هناك قارئ متفاعل وايجابي وآخر متقاعس وسلبي .. ولا يمكن قياس مدى التفاعل بين الكاتب والقارئ ولكن بالتأكيد يمكن أن تشعر بها وتعرفها. ولأن الكتابة كما يصفها نزار قباني بأنها (عمل انقلابي) .. أي أنها لا بد أن تحدث انقلابا وتغيرا وتأثرا في فكر وتفكير وسلوك القارئ .. ولا بد أن تغير شيئا ما بداخله أو خارجه .. وتحفز مكنوناته .. ولا بد من حالة التفاعل بين الكاتب والقارئ كي يستقيم الأمر .. وهو تفاعل غير مشروط وأحيانا غير محسوس .. لكنه إن حدث فكلا الطرفين سيتأثر بالآخر ويؤثر به. إن عالم الكتابة عالم كبير وواسع وقديم .. له تاريخ عريق لكنه بلا جغرافيا .. فهو متأصل بكافة الثقافات والحضارات وممتد لكل الدول بلا حدود أو عوائق .. وقد ساهمت الكتابة بشكل أساسي في كافة الحضارات والثقافات والعلوم والمكتشفات .. وللكتابة الفضل في حفظ التراث والتوعية والنهضة والتقدم والصناعة وكافة الأمور المتصلة اتصالا مباشرا بحياتنا اليومية .. ويمكننا اعتبارها أعظم النعم التي منحنها الله إياها .. وهو عز وجل الذي علم الإنسان مالم يعلم. في عالم الكتابة كم أدهشتنا روايات وقصص وحكايات .. وكم تنورنا بالمعلومات والمعرفة وفتحتت أمامنا آفاق لا حصر لها وعالم لم نكن نعرفه. واذا كان العرب هم أول من اكتشف الكتابة وطورها منذ أن كانت نقشا على الحجر ومرورا بالعديد من الوسائل الأخرى التي استخدمها الانسان لخدمة أغراضه .. فاللغة العربية هي أم اللغات وهي الأجمل والأغنى والأعمق. عبر التاريخ ساهم العديد من الكتاب في احداث تغيرات سياسية واجتماعية وفكرية في مجتمعاتهم .. وكان لكتاباتهم أكبر الأثر في تغيير سلوك وحضارات تلك الشعوب .. وخلد لنا التاريخ أسماء كبيرة لكتاب وأدباء ومثقفين سطروا أروع الكلمات والجمل والعبارات التي ما زالت عالقة بأذهاننا .. رحلوا عن الدنيا لكنهم خلدوا لنا علما ومعرفة وثقافة تتداولها الأجيال وتستمتع بها .. وكلما مرت عليها السنين ازدادت أهميتها وروعتها. تبقى الكتابة نعمة كبرى .. وهبة ربانية عظيمة .. وأجمل ما فيها حين يجد الكاتب تفاعلا مع القراء .. تلك هي العلاقة الايجابية التي ساهمت التكنولوجيا بتعزيزها .. حيث صار بامكان الكاتب أن يتابع لحظة بلحظة تفاعل القارئ مع ما يكتب .. وهي الميزة التي لم يستمتع بها آلاف الكتاب المبدعين الذين سطروا روائع كتابية وأدبية قيمة عبر عصور مختلفة .. ودمتم سالمين. ******* نبارك للجميع حلول شهر رمضان المبارك .. أعاده الله علينا وعلى الأمة الاسلامية باليمن والخير والبركات .. وتقبل الله طاعتكم مقدما.