ليس من المستغرب أن يتعرض السائح في أي بلد لما قد يكدر عليه صفاء رحلته ومتعة السفر وخاصة في الدول العربية، لكن أن يصبح ذلك منهجاً متكرراً وحالة شبه عامة تحديداً مع مواطني دول الخليج والسعودية بالذات ونحن هنا نتحدث عن سوريا بلد ما يعرف "بالصمود والتحدي والقومية العربية" فمن المعلوم أن أكثر مرتادي سوريا في الصيف وعلى مدار العام هم من المملكة بحكم القرب الجغرافي فإن الأمر يستحق عناء التوقف والتمحيص والمراجعة وما حدث في الآونة الأخيرة من ترهيب مواطنين سعوديين وسلب سياراتهم تحت تهديد السلاح سبقه الكثير من الحوادث سواءً كانت بنفس الحجم أو أقل ابتداءً من حادثة القتل التي تعرض لها ضابط سعودي والتي حتى الآن لا نعرف إلى ماذا انتهت إليه نتائج التحقيق بشأنها وهل تم التوصل إلى الجاني أو الجناة مروراً بحوادث النصب والاحتيال والابتزاز فلا يكاد يوجد سائح سعودي واحد زار هذا البلد لم يتعرض لأي نوع من المضايقات. وفي هذا المقام قد تجد من يقول لك: إن العرب أيضاً قد يتعرضون لمثل ذلك في المملكة فنرد بأن هناك فرقاً بين الإقامة الدائمة التي من الطبيعي أن يواجه الإنسان فيها بعض المواقف غير السلبية، كما أن هذا ينطبق على المواطن السعودي وبين الإقامة المؤقتة المتمثلة في السياحة أو حتى المرور اثناء الانتقال من بلد لآخر. كما أن الوضع مختلف فأنت هنا تُستهدف بصفتك سائحاً وسعودياً وبصرف النظر عن هذا كله فإن الأهم من وجهة نظري كيف يتم التعامل معك كمواطن عندما تكون ضحية لهكذا نوع من الحوادث والمواقف المؤسفة من قبل سفارة بلدك، ولكي نكون واضحين ومحددين فإن ما ذكره المواطن الذي تعرض وعائلته للرعب على أيدي مجموعة من قطاع الطرق في سوريا مؤخراً من أن السفارة لم تقدم له الرعاية المطلوبة هو بيت القصيد وهو أيضاً جوهر القضية وأنا على يقين أن المواطن لو وجد الاهتمام والجدية اللازمين لما اتهم السفارة بالتخاذل في تقديم العون والمساعدة له ولأسرته فالمسألة ليست مادية فقط. وإنما احتواء ومراعاة للحالة النفسية للمواطن وأسرته وسرعة تنسيق مع الجهات الأمنية في سوريا لضبط الجناة حتى وإن لم يسفر هذا التنسيق عن نتيجة تذكر، فالمواطن سوف يلتمس العذر لسفارته ثم إنه ليس من المعقول أن يتنكر الإنسان لسفارة بلده إذا وجد منها فعلاً حقيقياً يستحق الذكر والشكر وخاصة أنها ملاذه الوحيد هناك والتصادم معها بغير الحق ليس في صالحه ومما يجعلني ميالاً لتصديق هذا المواطن كان الله في عونه أن السفير الشعلان عندما علق على هذه الحادثة لم يرد في تصريحه أي إشارة للإجراءات التي قامت بها السفارة، بل أكد بما معناه أن السياحة في سوريا على أحسن حال وأنه لم تقع خلال موسم هذا الصيف إلا حادثتان فقط وهو يعني بذلك على ما اعتقد حادثة السطو المسلح المشار لها أعلاه وواقعة إطلاق النار على المحامي الشمري فبالله عليكم هل نسي الشعلان أنه سفير المملكة وليس متحدثا باسم وزارة السياحة السورية فبدلاً من التقليل مما حدث والتأكيد على أن السياحة في سوريا بخير كان الأجدى والأولى به أن يخبرنا ماذا فعلت السفارة لمساعدة مواطنيها أم أن العلاقات مع المسؤولين في سوريا وأعيان البلد هناك تحتل مرتبة أهم من قضية مواطن بسيط.. عفواً وعذراً على هذا التحليل فقد يكون السفير على غير هذا الحال، ولكن تصريحه الذي لم يتضمن أي نصائح أو إرشادات لمواطني بلده حتى لا يكونوا عرضة لهذه الحوادث المؤسفة هو الدافع الرئيسي لتبنيه ثم لماذا ركز السفير فقط على حوادث الاعتداء المسلح وتجاهل غيرها من القضايا اليومية من الابتزاز والنصب ثم هل غاب عن سعادته أن ما يصل للسفارة بالتأكيد هو أقل مما يحصل في الواقع، وهذا الرأي لا يعكس تجاهلنا لأهمية اللغة الهادئة في العرف الدبلوماسي إلا في حالة وجود أزمات سياسية حادة بين الدول. ولكن هذا أيضاً لا يعني بالضرورة عدم التعرض لحقائق الأمور أو التحدث وفقاً لما يريده الطرف الآخر أو بما يخدم مصالحه فسلامة المواطن وكرامته وهيبة الوطن وسمعته أهم من أي اعتبارات أخرى. وفي كل الأحوال لو وضع كل سفير سعودي نصب عينيه التوجيهات السامية لخادم الحرمين الشريفين في التعامل مع المواطن السعودي لما اضطر هذا المواطن المغلوب على أمره إلى اللجوء للصحافة للتعبير عن معاناته.. فحفظك المولى يا أبا متعب وشكراً لصحافتنا.