في دراسة أجراها أحد العلماء على مجموعة من موظفي شركة أمريكية حصلوا على درجات عالية في الذكاء العقلي، تبين أن 15% منهم فقط صنفوا على أنهم مميّزو الأداء، وتوصل الباحث إلى أن كلاً من المهارات العقلية والأكاديمية غير قادرة على التمييز بين متوسطي ومرتفعي الأداء، ولكن مهارات ذكاء من نوع آخر أظهرت قدرة تمييزية أعلى بين هاتين المجموعتين. وقام باحث آخر بطلب من الخارجية الأمريكية بتحديد المهارات التي تميز الموظفين عالي المهارة ، والناجحين من بين موظفيها الآخرين الذين يمثلون أمريكا في الخارج من سفراء وموظفين.. الخ. ولقد وجد أن ما يميز المبدع منهم ليست درجات ذكائه في اختبارات الذكاء ، ولا درجة التحصيل في مواد التاريخ والثقافة الأمريكية واللغة الأخرى والاقتصاد وهي المعايير التي تم تعيينهم عليها! وإنما مدى امتلاكهم لنوع آخر من الذكاء!!. ما أعنيه هنا عزيزي القارئ هو ما يطلق عليه الذكاء الوجداني أو الانفعالي والذي يرجع الفضل في انتشاره إلى العالم"دانيال جولمان" عام 1995 وكتابه الذي يحمل عنوان "الذكاء الوجداني لماذا هو مهم أكثر من الذكاء العقلي!"أو ال IQ ويعني بذلك نسبة الذكاء. يقصد جولمان هنا بالذكاء الوجداني قدرة الفرد على إدراك انفعالاته بدقة والتعبير عنها وتنظيمها، والقدرة كذلك على فهم انفعالات الآخرين ومشاعرهم، وقد نشطت البحوث في هذا المفهوم من ذلك التاريخ إلى يومنا الحاضر ، وتم اختباره وإعداد المقاييس لقياسه ودراسة علاقته بمفاهيم أخرى كالنجاح الوظيفي والتوافق الاجتماعي والزواجي والسعادة والصحة النفسية .. الخ. فإذا كان الفرد يتمتع بالقدرة على إدارة انفعالاته والتعاطف مع الآخرين والقدرة على رؤية الأمور من منظورهم، وبالمهارات الاجتماعية وبالقدرة على معرفة وقراءة مشاعر الآخرين، ومعالجة انفعالاته جيداً داخل نفسه وفي علاقته مع الآخرين فهو ذكي وجدانياً!ولكن السؤال المهم هو هل الذكاء الوجداني قدَر موروث أم قدرة ومهارة يمكن تنميتهما؟! أترك إجابة السؤال إلى المقال القادم بإذن الله.