العودة إلى الماضي، شيء جميل لسّرد تاريخ ناصع، وهو ما ينطبق على كل الحالات بما فيها الفنية.!! لن يكون راشد الماجد هو من أحيا ذاكرة الناس في أغنية "خلاص من حبكم" والتي اشتهرت بصوت الفنان الشهير فهد بن سعيد"رحمه الله"، هي من حملت في طياتها معلومات بعضها كان مخفياً حول كيفية صناعتها، هناك من يعتقد أن هذه الأغنية ظهرت بصوت بن سعيد ومارس بعدها الفنانون الآخرون غناء هذا العمل حتى اليوم، بينما القراءة الفعلية لصناعتها، كانت تمر بمراحل كان شاهداً عليها فهد بن سعيد"بنفسه". في حي (العجلية) وسط الرياض عام (1378ه) يقوم الشاعر فهد بن عبدالله بن راجح "أطال الله في عمره بتقديم قصيدة" نامت عيون الناس"للفنان عبدالله ليقوم هو الآخر بصناعة اللحن عليها، خاصة وأن القصيدة كانت ملغاة لعبدالله السلوم الذي أنشأ أول فرقة موسيقية في ذلك الوقت وكان من بينهم فهد بن سعيد. أبوسعود الحمادي نامت عيون الناس والعين سهرانا تشكي الحبيب الذي قفي وخلانه. في البيت الثاني كان مخاطباً "لابو وحيد عبدالله السلوم " والقلب يا بو وحيد زادت أشجانه"– الذي كان يلقب حينها "وحيد الجزيرة" باعتراف من فهد بن سعيد في إحدى الأسطوانات التي قدمها مع السلوم عازف كمان. طلب الفنان عبدالاله بن بخيث الأغنية في العام (1379ه)وقدمها في إذاعة "طامي" وعرف من خلالها في ذلك الوقت، الا أن السلوم سجلها أسطوانة في البحرين مع العماني سالم الصوري "رحمه الله" تحت إنتاج "متعب فون" في العام "1379ه". عبد الله السلوم من رواد الفن النجدي في بداية السبعينات الهجرية قدم العديد من الألحان الكلاسيكية الشعبية التي مازال يتداولها الجمهور ويتذوقها. ذهب الفنان فهد بن سعيد إلى الأحساء لزيارة محمد الجنوبي، وطلب منه تركيب كلمات على لحن "نامت عيون الناس" لأنه يعتبر الكلمات خاصة من الشاعر للملحن. *أسطوانة التحدي-1389ه بالفعل تم تركيب الكلمات عليها على حّد قول الجنوبي"رحمه الله" وتم تسجيلها(1389ه)وسميت هذه الاسطوانة بالتحدي في ذلك الوقت تحت انتاج"نجدي فون". (1392ه)انتقل السلوم الى جده لم يشاهد فهد بن سعيد الا بعد عشر سنوات. الفنان المثقف - أبو سعود الحمادي "رحمه الله" عشق هذا العمل وقام بغنائه كثيراً في الحفلات الرسمية والجلسات، وقد قدمت في حفلات الطائف في إحدى الاحتفالات الرسمية في عهد الملك سعود"طيب الله ثراه"، في ذلك الوقت كانت تشتهر "نامت عيون الناس" قبل أن يطلق فهد بن سعيد اسطوانته "التحدي" لينتشر هذا اللحن من جديد. "خلاص من حبكم" تاريخ رائع للأغنية المحلية والموروث المميز في "الكلمة واللحن والأداء"، في بداية الستينات الهجرية كانت ثورة هذه الأعمال من مدرسة "السلوم" حقيقة الأغنية التاريخية التي مازال متذوقوا الطرب الأصيل يعودون لسماعها كثيراً، ويتغنون بها. خلاص من حبكم يازين عزلنا معاد لي في هواكم شف أو رادة أول رغبناك يومك مثل راغبنا وندور رضاك مهما تحمل زيادة. التركيب متواصل مع القيمة الفنية والأجراس الموسيقية خلال تركيب الكلمات، أظن أنها كانت حسية مع مجموعة ابن سلوم لتعطي جمالاً خلال تلك الحقبة الزمنية في الفن الأصيل..!! *فهد بن سعيد في بداية توهجه مازالت تردد إلى الآن عبر الحفلات أو الأعمال الخاصة من نجوم الفن. يقول عبد الله السلوم: "إن من صاغ الكلمات هو" فهد بن راجح" قبل أن يركب عليها الجنوبي كلمات "خلاص من حبكم" في الإحساء، هي ليست الأغنية الأولى التي قدمها أبن سعيد من الحاني بل هناك أعمالاً أخرى منها "الناس نامت وأنا اسهر" و"ياحسرتي" و"عشرة سنين" وغيرها. "خلاص من حبكم"حملت الكلمات الشعبية العذبة والجمل الموسيقية الرائعة، هي حالياً الأصالة والتاريخ القريب البعيد في التواصل الحسي قبل أكثر من خمسين عام. لماذا "نامت عيوني" و"خلاص من حبكم". ربما كانت البداية ولم تكن النهاية للموروث الأصيل الناتج من صوت الأرض كلمة ونغماً، وهي القضية المستمرة في الأغنية المحلية التي انتشرت كثيراً على المستوى العربي دونما يعرف أصلها ومن صاحبها. عبد الله السلوم وأبو سعود الحمادي، مثلوا بداية الأغنية النجدية في الخمسينات الهجرية من القرن الماضي قدموا أروع الأغاني وأمثلها على المستوى الاجتماعي والعاطفي بل قدموا الأصالة والحس الرائع في تلك الحقبة الزمنية، بعد ذلك صوت ابن سعيد قبل اعتزاله "رحمه الله". *عبدالله السلوم مع أبنه وحيد بداية الثمانينات الهجرية يقول السلوم: بان علاقتي بالفن النجدي قديم ومازلت أتذكر تلك الأيام في بناء الأغنية الشعبية مع أخي فهد وابن نصار الحمادي ومجموعة كانت تتواصل لتقديم الفن الراقي بشكل رائع، قبل أن تنفض الفرقة في العام(1392ه). قضيتهم أنهم قدموا الفن وخسروا مافي جيوبنا وربما مجتمعهم لأجل أن يقدموا لنا ونحن نسمعهم. سنوات تعود ولن تنسى في "خلاص من حبكم"، شهودها مازالوا أحيا وبعضهم توفاه الله.